البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في مؤتمر حول المهاجرين والتربية

إن العمل الذي تقومون به في هذه المجالات العظيمة – البحث والتعليم والتعزيز الاجتماعي – يجد إحداثياته في الأفعال الأربعة التي تلخص التزام الكنيسة تجاه المهاجرين واللاجئين: الاستقبال والحماية والتعزيز والادماج” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى المشاركين في المؤتمر الذي تنظّمه جامعة الغريغوريانا الحبريّة حول المهاجرين والتربية.

استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح الخميس في قاعة كليمينتينا في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في المؤتمر الذي تنظّمه جامعة الغريغوريانا الحبريّة حول المهاجرين والتربية وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال لقد أطلقتم في مؤتمركم تأملاً متجذرًا في احتياجات الإخوة والأخوات المهاجرين، ولاسيما الصغار والشباب.

لقد أصغيتم إلى رغبتهم في الذهاب إلى المدرسة ومواصلة دراستهم، حتى ولو اقتلعوا من أراضيهم. أهنئكم. وأود أن أسلط الضوء على أهمية مساهمتكم في ثلاث مجالات تقع ضمن اختصاصكم: مجال البحث ومجال التعليم ومجال التعزيز الاجتماعي.


تابع البابا فرنسيس يقول فيما يتعلق بالبحث، أعتقد أنه من المناسب إجراء المزيد من الدراسات حول ما يسمى “بالحق في عدم الاضطرار إلى الهجرة”.

من المهم التفكير في أسباب تدفقات الهجرة وأشكال العنف التي تؤدي إلى المغادرة إلى بلدان أخرى. أنا أشير بالطبع إلى الصراعات التي تدمر العديد من مناطق العالم. لكني أود أيضًا أن أسلط الضوء على نوع آخر من العنف، وهو إساءة استخدام منزلنا المشترك. لقد أُضعف كوكب الأرض بسبب الاستغلال المفرط لموارده، كما أنهكته أيضًا عقود من التلوث. ولذلك، يُضطر المزيد من الأشخاص إلى مغادرة أراضيهم التي أصبحت غير صالحة للسكن. إن العالم الأكاديمي – ولاسيما العالم الكاثوليكي – مدعو لكي يلعب دورًا رائدًا في تقديم إجابات على التحديات البيئية. على أساس البيانات العلمية، يمكنكم أن تساهموا في إنارة خيارات الحكام وتوجيهها نحو عناية فعالة بالبيت المشترك.
أضاف الأب الأقدس يقول بالنسبة لمجال التعليم، أود أن أشكركم على التزامكم بتنفيذ البرامج التي تهدف إلى تعزيز تعليم اللاجئين. لقد تم إنجاز الكثير، ولكن لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به. وبهذا المعنى، سيكون من المهم أن تستمرّوا في إعطاء الأولوية للفئات الأكثر ضعفًا. وبهذا المعنى، يمكن أن تكون فعالة الدورات التي تجيب على احتياجاتهم، وتنظيم دورات تعلُّم عن بعد، وتخصيص منح دراسية تسمح بنقلهم. من خلال الاستفادة من الشبكة الأكاديمية الدولية، يمكن للجامعات أيضًا تسهيل الاعتراف بالمؤهلات التعليمية والمهارات المهنية للمهاجرين واللاجئين، لصالحهم ولصالح المجتمعات التي تستقبلهم. إنَّ المدارس والجامعات هي فسحات مميزة ليس فقط للتعليم، وإنما أيضًا للقاء والإدماج.

يمكننا أن ننضج في الإنسانية وأن نبني معًا نحن أكثر شموليّة. في الاستعداد المتبادل تولد فسحات خصبة للحوار بين الرؤى والتقاليد المختلفة، تفتح العقل على آفاق جديدة. وللإجابة بشكل مناسب على تحديات الهجرة الجديدة، هناك حاجة إلى تنشئة مميّزة ومهنيّة للعاملين والمعلِّمين الذين يعملون مع المهاجرين واللاجئين.

كذلك تُدعى الجامعات الكاثوليكية لكي تربي طلابها، الذين سيصبحون في المستقبل إداريين ورجال أعمال وصانعي ثقافة، لقراءة متأنية لظاهرة الهجرة، من منظور العدالة والمسؤولية المشتركة العالمية والشركة في التنوع. كما يجب تعزيز لقاءات مع الرواد، لكي تتاح للمدرسين والطلاب فرصة التعرف على قصص المهاجرين واللاجئين والنازحين أو ضحايا الاتجار بالبشر.

كذلك يرى مجال التعزيز الاجتماعي الجامعة كمؤسسة تتفاعل مع السياق الاجتماعي الذي تعمل فيه.

إذ يمكنها أن تساهم في تحديد الأسس من أجل بناء مجتمع متعدد الثقافات، حيث يعتبر التنوع العرقي واللغوي والديني غنى ولا عقبة أمام المستقبل المشترك.

كذلك، تعد الجامعات مجالًا متميزًا لتشجيع التطوع بين الشباب لصالح اللاجئين وطالبي اللجوء والمهاجرين الأشدَّ ضعفًا.


تابع الحبر الأعظم يقول بمناسبة اليوم العالمي للمهاجرين واللاجئين، الذي تم الاحتفال به يوم الأحد الماضي، دعوت الجميع إلى الالتزام في بناء المستقبل مع المهاجرين واللاجئين. في الواقع، يعلمنا التاريخ أن مساهمة المهاجرين واللاجئين كانت أساسية للنمو الاجتماعي والاقتصادي لمجتمعاتنا. ولا تزال كذلك اليوم أيضًا. إنَّ عملهم وقدرتهم على التضحية وشبابهم وحماسهم جميع هذه الأمور تغني الجماعات التي تستقبلهم. لكن يمكن لهذه المساهمة أن تكون أكبر إذا تم تعزيزها ودعمها من خلال برامج مستهدفة.

إنها مسألة ذات إمكانات هائلة، جاهزة للتعبير عن نفسها، فقط إذا أتيحت لها الإمكانية.
وخلص البابا فرنسيس إلى القول أيها الأصدقاء الأعزاء، إن العمل الذي تقومون به في هذه المجالات العظيمة – البحث والتعليم والتعزيز الاجتماعي – يجد إحداثياته ​​في الأفعال الأربعة التي تلخص التزام الكنيسة تجاه المهاجرين واللاجئين: الاستقبال والحماية والتعزيز والادماج.

وبالتالي تُدعى جميع المؤسسات التربوية لكي تكون أماكن استقبال وحماية وتعزيز وادماج للجميع بدون استثناء أحد. أشكركم على التزامكم وأتمنى لكم أن تسيروا به قدمًا وتجعلوه يثمر. أبارككم من كلِّ قلبي مع معاونيكم. وأسألكم من فضلكم أن تصلّوا من أجلي.