مجلس كنائس الشّرق الأوسط يختتم “موسم الخليقة”

برأسة البطريرك الماروني مار بشاره بطرس الراعي اختتم مجلس كنائس الشّرق الأوسط “موسم الخليقة” 2022، في خدمة صلاة مسكونيّة تحت عنوان “إسمع صوت الخليقة”، باستضافة الكنيسة المارونيّة في كنيسة الصّرح البطريركيّ في بكركي- لبنان، عشيّة عيد القدّيس فرنسيس الأسيزيّ، يوم الإثنين 3 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2022.


شارك في الصّلاة كلّ من: كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك ورئيس مجلس كنائس الشّرق الأوسط عن العائلة الكاثوليكيّة البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرين ميناسيان، بطريرك السّريان الكاثوليك الأنطاكيّ مار إغناطيوس يوسف الثّالث يونان، المطران دانيال كورية ممثّلاً بطريرك أنطاكية وسائر المشرق والرّئيس الأعلى للكنيسة السّريانيّة الأرثوذكسيّة في العالم مار إغناطيوس أفرام الثّاني، والقسّيس جورج مراد ممثّلاً سينودس الكنيسة الإنجيليّة في سوريا ولبنان. كما شارك عدد كبير من السّادة المطارنة من مختلف العائلات الكنسيّة، والجمعيّات الرّسولية والتّربويّة، آباء مسؤولين وراهبات ورهبان وإكليريكيّين.

شارك في الصّلاة أيضًا منظّمة المفوضيّة السّامية للأمم المتّحدة لحقوق الإنسان في لبنان ممثّلة بالسّيّد علاء قعود، ممثّلون عن منظّمة “دانمشن”، الدّاعمة لمجلس كنائس الشّرق الأوسط في “موسم الخليقة” وجمعيّة “أروشا” الدّوليّة للبيئة، مدير عامّ جهاز الدّفاع المدنيّ اللّبنانيّ العميد ريمون خطَّار، على رأس وفد من متطوّعي الدّفاع المدنيّ، الأب عبدو أبو كسم، رئيس المركز الكاثوليكيّ للإعلام مع وفد من الإعلاميّين، الأب طوني خضره، رئيس مجموعة لابورا والاتّحاد الكاثوليكيّ للصّحافة في لبنان، أمين عامّ المدارس الكاثوليكيّة الأب يوسف نصر، اللّجنة الأسقفيّة “عدالة وسلام” في لبنان، الشّيخ القاضي فوزي داغر، مجموعة من كشّافة ودليلات لبنان فرع مدرسة عينطورة، كسروان، وشابّات وشبّان من جمعيّات شبابيّة وأهليّة، هيئات ولجان معنيّة بالبيئة ورؤساء بلديّات وناشطين بيئيّين.

تضمّن الاحتفال خدمة الصّلاة المسكونيّة من كتيّب “موسم الخليقة” 2022 العالميّ الّذي قام مجلس كنائس الشّرق الأوسط بتعريبه للسّنة الثّانية على التّوالي. كما تخلّله وقفات ترنيميّة وموسيقيّة تمجّد الخالق وتسبّحه بأداء أعضاء من جوقةKousan Male Choir – Hamazkayin ، جوقة الكلّيّة القداسة الملكيّة Panayia وجوقة العمل الرّعويّ الجامعيّ. أيضًا قدّمت مجموعة من مختلف الجماعات الشّبابيّة أشجار وفاكهة من ثمار الطّبيعة تمّت مباركتها أمام المذبح كرمز لعطايا الله الخالق إلى خليقته.

أمّا كلمة المناسبة، فألقاها البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان ممّا جاء فيها “إنّه يوم رائع وفرصة ثمينة خصوصًا للأسرة المسيحيّة التّفكير والتّأمّل والإصغاء إلى صوت الخليقة، لأنّها مناسبة تحيي فينا الأمل والنّشاط للعمل سويّة بدون تفرقة وتمييز وانحياز بين أفراد جميع الأديان. إنّنا أولاد الله، أولاد خالق واحد ولا يحقّ لنا التّمييز بين أبناء العائلة الواحدة… في طقسنا اللّيتورجيّ الأرمنيّ، في فرض الصّباح نتلو باقةً من المزامير ومنها المزمور الـ148 الّذي يعدّ من مزامير التّسبيح وتمجيد الله في خلائقه”.

وتساءل “أين نحن من هذه الصّلوات الّتي نتلوها في جوّ التّفاوت والتّواضع، ومن ثمّ نخرج منها إلى جوّ الأنانيّة والجشع، نقاتل ونحارب ونطعن بالطّبيعة وكلّ الخلائق والكائنات؟ أين نحن من التّآخي مع البشر ومع الخليقة المتألّمة، المستغلّة المباحة؟ أين نحن اليوم والخليقة ضحيّة الحروب الهمجيّة الّتي تدور في جميع أنحاء الأرض ومنها بإسم الخالق ضدّ خليقته؟…”.

تابع “دول تتألّم وتموت من الجوع والفقر ودول تفرّط في الغنى الفاحش. شعبٌ يُقتل ويضحمل وآخر يستغلّ ذلك لزيادة أملاكه وأرباحه. إنّي آسف على ما وصلنا إليه في أيّامنا هذه وقد فقدنا القيم الإنسانيّة ونسينا وتناسينا خالقنا المحبّ الرّحوم والرّؤوف. أنا آسفٌ على ما نحن عليه من عللٍ وأمراض روحيّة، لا بل أنا آسفٌ على هذه الحروب الّتي تفتك بالبشريّة… على الأرض الّتي اختارها الرّبّ لنا جنّةُ عدن، وله سكنٌ عاشَ فيهِ متجسّدًا من الرّوح القدس”.

وإختتم “… لنا أذنان ولا نسمع، وعيون ولا نبصر الخطر الّذي يُحيط بنا، لا وبل وإن رأيناه، شاركنا في الخراب والتّدمير، والقتل والتّنكيل في ما بيننا. أردت اليوم الرّجوع إلى بيتك يا ربّ لتأخذني مثل الإبن الضّالّ، فلقد ندمت على ما فعلته بالفكر والقول والفعل والإهمال. أرجع إليك نادمًا وراجيًا أن تغمرني برحمتك وتفتح بصري بنعمة روحك القدّوس، لأرى الحقيقة وأنذر نفسي لخدمتك في هذه الحياة…”.

بدوره، ألقى الأمين العامّ د. ميشال عبس كلمة شكر فيها الكنيسة المارونيّة والبطريرك الرّاعي على الاستضافة الكريمة والدّعم الدّائم. كما توجه بالشّكر لكلّ من ساهم في إنجاح هذا الحدث الّذي بات محطّة سنويّة للتّوعية والصّلاة.

وما جاء في الكلمة “موسم الخليقة صرخة الكنيسة في وجه من يعنّف البيئة ويستخفّ بسلامتها ويقوم بالإضرار بها إمّا عن غير اكتراث وانعدام مسؤوليّة أو عن جهل مطبق بأمور الطّبيعة… أو الإثنين معًا… وكلا الأسباب قتّال. لا تستطيع الكنيسة، الّتي تمجّد الخالق وتشكره على عطاياه في كلّ لحظة، أن تقف مكتوفة الأيدي صامتة أمام ما تتعرّض له خليقة الخالق، الهيكل الحياتيّ الّذي جعله مسكننا ونبع رزقنا ووسيلة استمرارنا”.

أضاف “الكنيسة هي صوت الضّمير الإنسانيّ، في هذا المجال وفي مجالات كثيرة حيث قامت بدور الضّامن للحقّ والعدالة. نحن في المجلس، نقوم باسم الكنائس مجتمعة ببعض العمل، وهي تقوم إفراديًّا بما تراه ضروريًّا في هذا المضمار… ولكن الأذى الّذي يصيب البيئة لا يأتي فقط من الصّناعة، رغم أنّها المصدر الرّئيس للتّنكيل بالبيئة. هناك مجالات عديدة حيث يقوم النّاس بأذيّة البيئة… التّحدّي يبدو كبيرًا وقدراتنا في المجلس محدودة، ولكنّنا نقوم بما نستطيع القيام به لعلّ في ذلك قدوة صالحة لسائر فئات المجتمع”.

وعن احتفالات “موسم الخليقة” قال “لقد قمنا باحتفالات موسم الخليقة السّنة الماضية على صعيد الوطن اللّبنانيّ، وكانت التّجربة الأولى وكانت ناجحة. ثمّ انتقلنا هذه السّنة إلى المدى الإقليميّ، فأقمنا الاحتفالات– الدّينيّة التّوعويّة طبعًا– في العديد من دول المنطقة وكانت تحت شعار “العلّيقة المشتعلة” نظرًا لكثرة الحرائق الّتي عمّت المعمورة والّتي هي مؤشّر بيئة تتألّم والّتي سوف يترتّب عليها نتائج ليست لخير البشريّة المتمادية في غِيّها. أمّا في السّنة القادمة، فستشمل احتفالاتنا كلّ البلدان الّتي فيها كنائس أعضاء في المجلس”.

تابع “هذا العمل، مثل كلّ أعمال المجلس، هو نتاج مجهود جماعيّ تشترك فيه دوائر المجلس كما سائر المؤسّسات الكنسيّة، لذلك لا بدّ من توجيه الشّكر والتّعبير عن الثّناء لكلّ من ساهم في تحقيق هذا العمل وإنجاحه”.

في الختام، أشعلت النّار في الباحة الخارجيّة للصّرح البطريركيّ كرمز لشعار “موسم الخليقة” لهذه السّنة وهو “العلّيقة المشتعلة”، حيث اجتمع حولها المحتفلون وتشاركوا الفاكهة في جوّ أخويّ مسكونيّ مشرقيّ.