أهمية مساعدة المعلمين الكاثوليك من أجل الحفاظ على هويتهم والوعي برسالتهم كمربين وشهود للإيمان. كان هذا محور كلمة البابا فرنسيس اليوم السبت إلى المشاركين الجمعية العامة للاتحاد العالمي للمعلمين الكاثوليك.
استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم السبت في القصر الرسولي المشاركين في الجمعية العامة للاتحاد العالمي للمعلمين الكاثوليك. وفي كلمته إليهم أراد الأب الأقدس التذكير بأنهم قد عاشوا في تاريخهم الحديث أوقاتا ليست بالسهلة تخللتها أيضا لحظات شك وإحباط، وكان يبدو في بعض الأحيان أنه لم تعد تتوفر الظروف لمواصلة العمل. ولكنكم اتكلتم على الله وعلى دعم الكنيسة، قال البابا، فواصلتم الالتزام بروح إيمان ورجاء مسيحي. وأكد قداسته في هذا السياق أن البذور التي تُزرع برجاء تَمد الجذور وتنمو.
تحدث البابا فرنسيس بعد ذلك عن تغيير الأجيال، وهو تحدٍ يواجهه الاتحاد العالمي للمعلمين الكاثوليك مثل غيره من الجمعيات الكاثوليكية وذلك فيما يتعلق بالإدارة بشكل خاص. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الجمعية العامة الحالية للاتحاد تتضمن انتخاب مجلس جديد. وتابع الأب الأقدس داعيا إلى أخذ هذا بعين الاعتبار بنظرة إيجابية، وشدد على أن الواقع ليس ثابتا بل هو ديناميكي، ما ينطبق أيضا على الجمعيات الكنسية التي تتطور مع تغير الأزمنة ويضعها كل تغير للحقبات أمام رسالة جديدة. دعا قداسة البابا بالتالي إلى النظر إلى التجدد في الأدوار ذات المسؤولية الأكبر باعتباره بداية رسالة جديدة، وأيضا فرصة من أجل إطلاقٍ مجدَّد وبحزم لعمل خدمة ودعم الأجيال الجديدة من المعلمين الكاثوليك سواء مَن يعملون في مدارس كاثوليكية أو في مؤسسات متعددة الأديان أو علمانية.
ثم واصل البابا فرنسيس حديثه إلى ضيوفه متوقفا عند مهمة تشجيع الاتحاد لهؤلاء المعلمين كي يكونوا على وعي كامل برسالتهم الهامة كمربين وكشهود للإيمان سواء بشكل فردي أو في مجموعات من الزملاء. ولتحقيق هذا فإن الاتحاد يأخذ شكل شبكة من زملاء عمل وأخوة وأخوات في الإيمان يضعون أنفسهم في خدمة جميع المعلمين الكاثوليك، وذلك بروح صداقة واستقبال ومعرفة متبادلة ونمو روحي مشترك كي يحافظوا على هويتهم ويؤدوا رسالتهم. وقال الأب الأقدس لضيوفه إنهم في واجبهم هذا “معاونون للبابا”، فرسالة خليفة القديس بطرس تكمن في تثبيت الأخوة في الإيمان. وأضاف أنهم يجعلون في عالم المدارس خدمة الكنيسة حاضرة، أي دعم المعلمين الكاثوليك في الإيمان كي يتمكنوا من القيام بعملهم ورسالتهم بأفضل شكل، وذلك في أوضاع غالبا ما تكون معقدة على الصعيدين العلائقي والمؤسساتي.
وفي حديثه عن أهمية وجود المعلمين الكاثوليك في المدارس قال البابا فرنسيس إن هذا حضور يتمتع بأهمية حيوية، وتوقف عند أسلوب هذا الحضور. وقال قداسته إن على المربي المسيحي أن يكون في الوقت عينه إنسانيا بالكامل ومسيحيا تماما. يجب ألا يكون خارج العالم بل مترسخا في الحاضر، في زمنه وثقافته، وعليه التحلي بشخصية غنية ومنفتحة وأن يكون قادرا على إقامة علاقات صادقة مع الطلاب وعلى فهم أعمق احتياجاتهم وتساؤلاتهم، مخاوفهم وأحلامهم. لكن على المعلم المسيحي من جهة أخرى أن يكون قادرا على الشهادة، بالحياة وأيضا بالكلمات، على أن الإيمان المسيحي يعانق الإنسان بكامله ويحمل النور والحق إلى أوساط الحياة كافة بدون استثناء شيء، بدون بتر أجنحة أحلام الشباب وإفقار تطلعاتهم.
شدد قداسة البابا لضيوفه بعد ذلك على أن القيام بمهمتهم التربوية يستدعي دعم المعلمين جميعا، سواء مَن لديهم خبرة طويلة أو المعلمين من الأجيال الجديدة، وذلك لأن كل معلم من وجهة النظر المسيحية هو قادر على ترك أثر في حياة الأطفال والفتية والشباب، كما وذكَّر قداسته بأهمية أن يكون لدينا خلال فترة التنشئة معلمون جيدون ومربون حكماء. أكد البابا فرنسيس أيضا على ضرورة تنمية فن التربية بشكل متواصل، وذلك لأن المعلم لا يتعامل مع أشياء بل مع أشخاص في مرحلة نمو يتغيرون بشكل سريع. وتحدث قداسته أيضا عن اختلاف الشباب بين جيل وآخر، ما يستدعي تجددا متواصلا للمربين واللجوء إلى لغة وأشكال ثقافية ملائمة لشباب اليوم، لكنه دعا في الوقت ذاته إلى الحذر من الاستعمار الإيديولوجي مشيرا إلى ضرورة توعية المعلمين بضرورة التفرقة بين متابعة ثقافة اللحظة والخضوع للاستعمار الإيديولوجي.
هذا وأراد البابا فرنسيس في ختام كلمته الإشارة إلى الإسهام الممكن للاتحاد العالمي للمعلمين الكاثوليك في الميثاق التربوي العالمي الساعي إلى توحيد الجهود لتكوين أشخاص ناضجين قادرين على تخطي الانقسامات والتشرذمات وإعادة نسج العلاقات من أجل إنسانية أكثر أُخوَّة.