متى ٩: ٣٥- ١٠: ١و٥-٨
فصل٩
٣٥. وكان يسوع يسير في جميع المدن والقرى يعلم في مجامعهم ويعلن بشارة الملكوت ويشفي الناس من كل مرض وعلة.
٣٦. ورأى الجموع فأخذته الشفقة عليهم، لأنهم كانوا تعبين رازحين، كغنم لا راعي لها.
٣٧. فقال لتلاميذه: الحصاد كثير ولكن العملة قليلون.
٣٨. فاسألوا رب الحصاد أن يرسل عملة إلى حصاده.
فصل ١٠
١. ودعا تلاميذه الاثني عشر، فأولاهم سلطانا يطردون به الأرواح النجسة ويشفون الناس من كل مرض وعلة.
٥. هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قال: لاتسلكوا طريقا إلى الوثنيين ولا تدخلوا مدينة للسامريين،
٦. بل اذهبوا إلى الخراف الضالة من بيت إسرائيل،
٧. وأعلنوا في الطريق أن قد اقترب ملكوت السموات.
٨. اشفوا المرضى، وأقيموا الموتى، وأبرئوا البرص، واطردوا الشياطين. أخذتم مجانا فمجانا أعطوا.
“وَرَأَى الجُمُوعَ فَأَخَذَتْهُ الشَّفَقَةُ عَلَيهِم، لِأَنَّهُم كَانُوا تَعِبِينَ رَازِحِينَ، كَغَنَمٍ لَا رَاعِيَ لَهَا” فَقَالَ لِتَلَامِيذِهِ: الحَصَادُ كَثِيرٌ وَلَكِنَّ العَمَلَةَ قَلِيلُونَ” (٩: ٣٦-٣٧).
كيف ينظر يسوع إلى العالم؟ في صلاحه، في حبه لكل خليقته، يريد أن يكون كل إنسان صالحًا كما خلقه، يفتح عينيه فيرى ربه خالقه، فيضع فيه ثقته، وبذلك يحقق صلاحه، ويصير قادرًا على الحب، مثل خالقه.
يسوع الكلمة المتجسد، ينظر ويرى الناس تعبين رازحين تحت أثقال الحياة، ووحيدين مثل خراف لا راعي لها.
يسوع رأى البشرية في تعبها، يراني لا راعي لي، فريسة التعب، فريسة الشك، فريسة لكل ميول الأرض التي لا تزيل عني تعبي. ويرحمني. “رَأَى الجُمُوعَ فَأَخَذَتْهُ الشَّفَقَةُ عَلَيهِم”.
لا راعي لي؟ بل الرب راعيَّ، فلا شيء ينقصني. نعم الله أبي وراعيَّ، لكن هل أقبله أنا كذلك، أبًا وراعيًا، أم أسير على رأسي، رافضًا لله؟
التعبون كثيرون، الحصاد كثير. الناس المعذبون كثيرون، والمحرومون والمظلومون والظالمون أيضًا، ولا يرون راعيهم. حصاد متروك لا أحد يهتم لحصاده. لا أحد يهتم لأن يجمعه، ويضعه في المكان الصحيح، في الملكوت، أمام ربه وإلهه.
الحصاد كثير، المحتاجون إلى الله كثيرون، وليس من يدلهم على طريق الله. المحتاجون إلى أخ، يأخذ بيدهم، كثيرون ولا يجدون أخًا يأخذ بيدهم، ويثبتهم في إنسانيتهم، في طلبهم لإخوتهم، وفي طلبهم لله.
أرسل يسوع رسله، وأعطاهم سلطانًا. “دَعَا تَلَامِيذَهُ الِاثنَيْ عَشَرَ، فَأولَاهُم سُلطَانًا يَطرُدُونَ بِهِ الأروَاحَ النَّجِسَةَ وَيَشفُونَ النَّاسَ مِن كُلِّ مَرَضٍ وَعِلَّةٍ” (١٠: ١).
الناس بحاجة إلى الله، وبحاجة إلى الإخوة. بحاجة إلى المحبة. ليجدوا أنفسهم، فيجدوا الله، ويجدوا إخوتهم.
يسوع أرسل رسله. أرسلنا اليوم نحن رسله، أرسلني أنا، وأعطاني كما أعطاهم، سلطانًا لمقاومة الشرير، وللشفاء.
كيف أرى نفسي؟ هل أرى حاجتي أنا أولا، مثل كل إخوتي؟ وهل أرى رحمة الله لإخوتي ولي؟ هل أحس أنا بحاجتي إلى الله أبي؟ هل أحس بحاجة إخوتي؟ وهل أرى نفسي راعيًا، مُرسَلًا إلى الحصاد الكثير، إلى الناس الكثيرين المتعبين؟ أم أتوقف عند نفسي؟ ولا أرى ما رأي يسوع، أن الحصاد كثير، وأن إخوتي بحاجة إلى الشفاء؟ هل أرى أن رحمة الله لي ولأخوتي، تُلزِمني، تربطني بالله الذي أرسلني، وبإخوتي الذين أرسلني إليهم؟ كل أعمالي ونشاطاتي هل هي فعلا رحمة لإخوتي، هل هي مشاركة في رحمة يسوع الشاملة، أم هي نشاطات لي، لا تحمل الله إلى الناس، تحملني أنا، فيمحِّدوني أنا، ولا يمجِّدون أبي الذي في السماوات. أنا مَن؟ مَن دعاه يسوع، وأعمل بسلطانه، أم مَن يسير وحده، بسلطان نفسي، ولا سلطان لنفسي؟
خراف لا راعي لها. ترفض رعاية ربها. مثقلة بصعاب الحياة. ويسوع ما زال يرى وينظر ويرحم. ما زال يرسلني لأقويها، لأطرد عنها كل ضعف. هل أتوب أنا، وأعي، أنتفض على نفسي، وأعود إلى نفسي، وإلى رسالتي، وإلى رعاية إخوتي؟
ربي يسوع المسيح، أنت تنظر إلينا، وترى تعبنا. أنت أرسلتني أنا لأشفق على إخوتي، وأحمل معهم أثقالهم. ربي يسوع المسيح أعطني أن أرى برؤيتك، وأن أرحم برحمتك، وأشفي بسلطانك. آمين.