يسعى سكان العاصمة الأوكرانية كييف إلى استعادة حياتهم الطبيعية والعودة إلى المشاركة في القداديس بيد أن انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر وسائل التدفئة، نتيجة الأضرار التي تعرضت لها البنى التحتية لا يبشران بتحسن الأوضاع خلال فصل الشتاء. ومع ذلك يؤكد السفير البابوي في أوكرانيا أن المواطنين عازمون على السير قدماً على الرغم من كل العراقيل.
منذ أسابيع يعاني سكان كييف من ظروف صعبة مع أن طلقات النيران لم تعد تُسمع كما في السابق. ويبدو أن المواطنين يحاولون التأقلم مع هذا الوضع الجديد، أي العيش بدون تيار كهربائي لساعات طويلة كل يوم، فضلا عن استحالة توفير وسائل التدفئة في وقت تدنت فيه الحرارة لتصل إلى بضع درجات دون الصفر. وسط هذا السيناريو الصعب تقوم الرعايا والعائلات بالبحث عن مولدات الكهرباء، والتي ارتفع سعرها بشكل كبير.
السفير البابوي في أوكرانيا المطران فيسفالداس كولبوكاس التقى بمجموعة من الصحفيين تقوم بزيارة إلى بولندا وأوكرانيا، نظمتها سفارتا البلدين لدى الكرسي الرسولي، وشاء أن يتحدث عن الأوضاع الصعبة التي يعيشها المواطنون. وقد استضاف سيادته الصحفيين في مقر السفارة البابوية وأوضح أن السفارة تملك مولدا للكهرباء، لافتا إلى أنه في حال انقطاع التيار الكهربائي يمكن للمولد أن يعمل لمدة ست أو سبع ساعات لا أكثر. ولم يُخف سيادته قلقه البالغ حيال عدم توفر وسائل التدفئة مع قدوم فصل الشتاء والبرد القارس، وقد حمل هذا الوضع عمدة كييف على دعوة المسنين والمرضى إلى مغادرة البلاد – خلال فصل الشتاء – بحثا عن ملجأ لهم في الدول المجاورة.
وعلى الرغم من كل تلك الصعوبات عاد السفير البابوي ليؤكد أن سكان العاصمة عازمون على استعادة حياتهم الطبيعية قدر المستطاع وقال: علينا أن نستمر في العيش بطريقة ما. وأشار على سبيل المثال إلى أن العمل لم يتوقف في السفارة البابوية حتى عندما تُطلق صفارات الإنذار، كما حصل يوم الاثنين الفائت. في ختام حديثه إلى الصحفيين دعا السفير البابوي في كييف إلى رفع الصلوات على نية السلام وعدم التخلي عن الأمل في تحقيقه، وأكد أن أوكرانيا تحتاج إلى سلام حقيقي، لا إلى سلام مزيف يهدد بإشعال فتيل المزيد من الحروب في المستقبل. ولفت إلى أنه يشاهد على مواقع التواصل الاجتماعي أن السلام الذي تفكر فيه روسيا ليس إلا وقفاً لإطلاق النار كي تلملم أنفاسها وتقضي نهائياً على أوكرانيا، عاجلا أم آجلا، مشيرا إلى أن هذا ما يخشاه اليوم الأوكرانيون.
من بين المشاركين في اللقاء مع مجموعة الصحفيين الأجانب رئيس أساقفة كييف زيتومير للاتين المطران فيتالي كريتسكي، الذي أكد أن الكنيسة المحلية عادت لتحفل بالقداديس السبعة اليومية، بعد أن خُفض العدد إلى ثلاثة، بسبب جائحة كوفيد ١٩ أولا، ثم نتيجة الحرب فيما بعد. لم تخل كلمات سيادته من الحديث عن الاستعدادات للاحتفال بعيد الميلاد وسط الظروف الصعبة، وقال إننا نعلم أن العديد من العائلات فقدت أحد أفرادها في الحرب، وسيكون مقعدهم شاغراً على مائدة الميلاد، وهناك من يتواجدون على جبهات القتال ولا يستطيعون الاحتفال مع ذويهم. وأكد سيادته أن كل قذيفة تُطلق اليوم تساهم في إطالة عملية السلام المرجوة، لافتا إلى أن أوكرانيا تعيش اليوم مرحلة من التحول.