المَرأة، هي أنثى الإنسان، وعادةً ما تكون كلمة «امرأة» مخصصة للأنثى البالغة، بينما تُطلق كلمة «فتاة» أو «بنت» على الإناث الأطفال غير البالغات. وفي بعض الأحيان، يُستخدم مصطلح المرأة لتحديد هوية الأنثى بغض النظر عن عمرها، كما هو الحال في عبارات مثل «حقوق المرأة». هذا وتكون المرأة ذات النمو الطبيعي قادرة على الحمل والإنجاب من سن البلوغ حتى سن اليأس.
أمّا المرأة في المعجم الوجيز، فهي مؤنث الرجل ومن معجم المعاني العربي (ج. نساء — من غير لفظها، ذ. مَرء؛ تسمى أيضا امرأة) هي أنثى الإنسان البالغة، كما الرجل هو ذكر الإنسان البالغ، وتستخدم الكلمة لتمييز الفرق الحيوي (البيولوجي) بين أفراد الجنسين، الرجل والمرأة.
برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وحضوره، وبتنظيم مكتب رعويّة المرأة في الدائرة البطريركيّة، أُطلقت أعمال السينودس الخاصّ بالمرأة في آذار الفائت وضمن رحاب الصرح البطريركي في بكركي، لتناول المسائل حول حضورها ورسالتها في الكنيسة والمجتمع حيث أكّد البطريرك الراعي على أن المرأة هي من صميم تدبير الله الخلاصي. وتابع مضيفًا أن هدف إطلاق أعمال السينودس الخاصّ بها يُعد تعزيزًا لحضورها في الكنيسة والمجتمع. كما ووجّه تحيّة إلى كل النساء، بدءًا من المرأة المرنّمة إلى المرأة الأمّ والأخت والمكرّسة والمتألّمة مرورًا بالمرأة المعلّمة والمربّية والملتزمة في المجتمع والكنيسة، وأشار إلى أن العيون شاخصة نحو حزيران 2023 لحصاد ثمار هذا السينودس ونتائجه وتوجيهاته وتوصياته من أجل البدء الفوري بتطبيقها. ولكن قبل كل ذلك، نسأل ما هو دور المرأة في الكنيسة المارونيّة؟ وماذا قال عنها المجمع اللبناني والمجمع الماروني؟
يقول الأب بطرس ضو في كتابه الخامس عن تاريخ الموارنة: “كانت المرأة المارونية تشارك الرجل في المعارك والقتال دفاعًا عن الوطن والكرامة والحق ودفعًا للظلم ورفعًا لنور الحضارة والمثل العليا”[1]. يقدِّم لنا هذا الإستشهاد الكثير من الدلالات على هامش الحريّة والدور الذي أدّته المرأة المارونية في قلب الكنيسة.
ننتقل إلى المجمع اللبناني، والذي هو مجمع محلي عُقد في الكنيسة المارونية حتى انعقاد المجمع البطريركي الماروني عام 2004. ترأسه البطريرك يوسف ضرغام الخازن في دير سيدة اللويزة مع الموفد البابوي سمعان السمعاني بدءًا من 30 سبتمبر وحتى 2 أكتوبر 1736. صادق البابا بندكت الرابع عشر على هذا المجمع عام 1741 واعتبره مجمعًا شرعيًا، لتشكل قوانينه أهم دستور إصلاحي للكنيسة المارونية خلال الأزمنة الحديثة. أتى هذا المجمع على ذكر المرأة ضمن سرّ الزواج والراهبات والعذارى. وفي هذه الفصول، وضع قوانين لهنّ ورسم حياتهّن بشكل عريض.
ويشكّل مع المجمع البطريركي الماروني، المجمع المحلي الخاص بالكنيسة المارونية الثلاثين وأكبر هذه المجامع من حيث المشاركة والمواضيع المطروحة والمقررات والمدة الزمنية للانعقاد. ويعتبره البعض ثاني المجامع الكبرى بعد المجمع اللبناني عام 1736، إذ إن المجامع الباقية كانت تفسيرًا أو تحويرًا لمقررات المجمع اللبناني وليست قرارات جديدة بحد ذاتها. انعقد المجمع في ثلاث دورات امتدت ثلاث سنوات بين يونيو 2004 ويونيو 2006، برئاسة البطريرك نصر الله بطرس صفير، في حين تولى المطران يوسف بشارة، رئيس أساقفة أنطلياس مهام الإدارة العامة. عقد المجمع في دير سيدة الجبل في قضاء الشوف غير أن الحفل الافتتاحي والختامي وكذلك توقيع المقررات صدر عن الصرح البطريركي في بكركي. شارك في المجمع سحابة من 450 مشارك بين المطارنة والرؤساء الرهبانيات ومندوبي الرهبانيات ومندوبين علمانيين من الأبرشيات إلى جانب ممثلين عن الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية والبروتستانتية، وثلاث ممثلين عن السنة والشيعة والدروز في لبنان. وقد أصدر المجمع ثلاثًا وعشرين نصًا حددت هوية الكنيسة المارونية وانتشارها في العالم وحضورها في الشرق في الملف الأول. وفي الملف الثاني تم التطرق إلى بنية الكنيسة، فصدرت نصوص حول البطريرك والأساقفة والكهنة والشمامسة والرهبانيات المارونية والطقوس والليتورجيا. أما الملف الثالث، فناقش أمورًا معاصرة في الكنيسة كالسياسة والثقافة والإعلام والتعليم والأرض. وتبدأ جميع النصوص بعرض تاريخي عن علاقة الموارنة بها وتنتهي بعرض توصيات حول طريق الكنيسة في معالجة هذا الموضوع في المستقبل. وقد تم تبني هذه النصوص بالتصويت السري. يقول في العدد 41: “إنّ المشاكل التي ينطوي عليها هذا المخاض كثيرة ومتشعّبة ومعقّدة، نذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، التراث والحداثة، والاستقرار السياسيّ، والنظم السياسيّة والاجتماعيّة، والتنمية الاجتماعيّة والاقتصاديّة، والوحدة في التنوّع بعيدًا عن الانقسام والتفتّت، والدين والمجتمع، والحريّات العامّة ومنها الحريّة الدينيّة وحريّة الضمير، ومشاكل العدل والسلام وحقوق الإنسان بما فيها حقوق المرأة، والتعامل مع الأقليّات على اختلاف أنواعها، وموقفه من عالم متنوّع ومتعدّد ومتطوّر. يعيش الإنسان العربيّ في خضمّ كلّ هذه المشاكل، يبحث عن ذاته وهويّته بين ذاكرة الماضي وأبواب المستقبل. وأمام هذا الرهان التاريخيّ، يتقرّر مصيره ومستقبله بقدر ما يستوعب هذه التحدّيات، ويحدّد عناصرها المتشابكة، ويتحكّم بآليّتها، ويعمل على معالجتها بتأنّ وحكمة ودراية وصبر”. كما وأتى على دور حقوق المرأة ولاحقًا إنشاء لجان متخصّصة لها.
تواصلنا مع المنسّقة العامّة للجنة المرأة في أبرشيّة طرابلس المارونيّة السيدة كَتَر إسطفان إلياس وسألناها ما هي رؤيتها؟ فكانت إجابتها: “أن الرؤية هي متطابقة مع الرؤية السينودوسية في الكنيسة المارونيّة، الشراكة والمشاركة في الرسالة، نحن نطمح لكنيسة النساء مع الرجال نسيرُ معًا نحو الشراكة المسؤولة في الكنيسة والمجتمع معًا”. كما تتوقّع بأن يصار إلى تعزيز وتمكين دور المرأة وحضورها ودعوتها في الكنيسة والمجتمع وعائلتها بشكل أكبر.
نرى بأن هذا السينودوس هو إمتداد لفكر الكنيسة الجامعة وسابقة تاريخيّة في الكنيسة المارونيّة بأن يصار إلى عقد سينودوس خاص عن المرأة يخصّص أعماله لمناقشة وضع المرأة داخل الكنيسة المارونيّة والتي تنامت تاريخيًا. فالمرأة هي الأم، الزوجة، الأخت، الراهبة والمعلّمة.
المرأة هي شريكة الرجل في الحياة. إنطلاقًا من ذلك، هل سيبصر هذا المجمع النور؟ هل سيتطبّق كما يلزم؟ هل سيفهم أبناء الكنيسة قدسيّة هذه الشراكة المقدّسة؟
نقلا عن موقع زينيت. العالم من روما