كان اللقاء والشركة والإصغاء والمساعدة المتبادلة محور كلمة البابا فرنسيس اليوم لدى استقباله مجلس رابطة الكهنة أتباع قانون وكاريزما القديس أغسطينوس.
استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الجمعة مجلس رابطة الكهنة أتباع قانون وكاريزما القديس أغسطينوس. وعقب ترحيبه بضيوفه ذكَّر الأب الأقدس بتأسيس الرابطة سنة ١٩٥٩ وتحدث عن أهميتها في تعزيز الشركة بين الجمعيات التي تشارك فيها والتي تتقاسم الكاريزما ذاتها. فالأهداف الرئيسية للرابطة، واصل قداسة البابا، تكمن في جمع فروعها في رباط محبة وتثمين المعنى الإنجيلي للكاريزما وتوفير المساعدة المتبادلة، وخاصة فيما يتعلق بالبعد الروحي وتكوين الشباب، التنشئة الدائمة وتعزيز الثقافة.
تحدث البابا فرنسيس بعد ذلك عن تمتع الرابطة بتسيير ذاتي إلا أن هذا لا يحُول دون أن ينص النظام الداخلي على صلاحيات تضمن توازنا بين هذا التسيير الذاتي والتنسيق المناسب، وذلك لتفادي الاستقلال والعزلة الخطيرة. وشدد الأب الأقدس في هذا السياق على ضرورة حفظ النفس من مرض المرجعية الذاتية والحفاظ من جهة أخرى على الشركة بين الجمعيات المختلفة ككنز حقيقي. كما وشدد البابا على الوعي بأن الجميع هم على المركب ذاته ولا يمكن لأحد بناء المستقبل بعزل الذات أو بقواه الفردية فقط، بل بإيجاد الذات في شركة منفتحة دائما على اللقاء والحوار والإصغاء والمساعدة المتبادلة. وتحدث قداسته هنا عن ممارسة روحانية اللقاء، وهو أمر أساسي من أجل عيش سينودسية الكنيسة.
توقف الأب الأقدس بعد ذلك في حديثه إلى ضيوفه عند تكيفهم، كما في أشكال الحياة المكرسة العديدة، مع ظروف الزمن والأماكن والثقافات المختلفة التي يتواجدون فيها، ولكن دائما في نور الإنجيل والكاريزما. وتابع البابا فرنسيس أن الحياة المكرسة هي كما الماء، فإن لم يجرِ يفسد ويفقد معناه، يصبح كالملح الذي فقد مذاقه وصار بلا فائدة. وواصل مشيرا إلى أن الذاكرة الجيدة هي تلك التي تكون مثمرة، لا تلك الأثرية التي تشبه قطعة محفوظة في متحف.
وواصل البابا فرنسيس حديثه عن الحياة المكرسة مشيرا إلى أن قاعدتها الأساسية هي اتِّباع يسوع كما يرويه لنا الإنجيل، وشدد على اعتبار الإنجيل قاعدة حياة كي نتمكن من أن نقول مع القديس بولس “فما أَنا أَحْيا بَعدَ ذلِك، بلِ المسيحُ يَحْيا فِيَّ” (غلاطية ٢، ٢٠). وأضاف الأب الأقدس قائلا: فليكن الإنجيل دليلكم، وتابع أن الإنجيل يقودنا بشكل متواصل إلى أن نجعل يسوع في مركز حياتنا ورسالتنا، يحملنا إلى الحب الأول، ومحبة يسوع تعني محبة الكنيسة، جسده. وشدد قداسته على أن الحياة المكرسة تنشأ في الكنيسة وفيها تنمو وتثمر.
ومن هذا المنطلق ذكَّر الأب الأقدس ضيوفه بأن اهتمامهم الأساسي يجب أن يكون البحث اليومي عن الرب، وذلك في الحياة الجماعية وفي القراءة المثابرة للكتاب المقدس، في الليتورجيا وبشكل خاص في الافخارستيا التي هي ذروة الحياة المسيحية والتي تعني وتحقق وحدة الكنيسة في تناغم المحبة، وفي الدراسة والعمل الرعوي. وواصل قداسته متحدثا عن البحث عن الرب أيضا في واقع زمننا، مع الوعي بأن ما من شيء إنساني يمكنه أن يكون غريبا عنا، وأننا بتحررنا من أية دنيوية يمكننا إنعاش العالم بخميرة ملكوت الله.
وفي ختام كلمته إلى ضيوفه من مجلس رابطة الكهنة اتباع قانون وكاريزما القديس أغسطينوس، شكرهم قداسة البابا فرنسيس على شهادتهم وتضرع كي تحرسهم مريم العذراء وتتشفع لهم، ثم بارك الجميع وجماعاتهم سائلا إياهم الصلاة من أجله