عظة البطريرك الراعي في قدّاس افتتاح الجمعيّة السينودسيّة القاريّة لكنائس الشرق الأوسط


تحت عنوان “لمَ أنتم خائفون هكذا؟ ولمَ ليس فيكم إيمان” ألقى البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي عظة مترئسًا قدّاس اليوم الأوّل من الجمعيّة السينودسيّة القاريّة لكنائس الشرق الأوسط في بازيليك سيّدة لبنان في حريصا ونقلاَ عن الموقع الرسمي للبطريركية المارونية قال صاحب الغبطة عاتب الربّ يسوع التلاميذ، عندما ارتعبوا أمام هول الريح والأمواج التي ضربت سفينتهم، وشعروا بأنّهم أمام خطر الغرق، فأيقظوه بخوف شديد. فسكّن الريح والبحر، وقال لهم: “لمَ أنتم خائفون هكذا؟ ولمَ ليس فيكم إيمان” لقد أراد يسوع إظهار أولويّة الإيمان. فالإيمان هو أساس كلّ معجزة يجريها الله. فمن دون إيمان لا مجال للمعجزة. فكم من مرّة أعلن الربّ يسوع الإيمان كفاعل أساسيّ لإجراء شفاءاته.

تابع البطريرك الراعي يقول وفيما يعاتب يسوع تلاميذه على قلّة إيمانهم، وقد عايشوه وسمعوا كلامه ورأوا معجزاته، فإنّه من ناحية أخرى يمتدح إيمان الذين ليسوا من ملّته، ولا من معايشيه، ولا من المتتلمذين له. مثل المرأة الكنعانيّة التي جاءت من ناحية صور وصيدا تلتمس منه بإلحاح شفاء ابنتها. فبعد أن امتحن إيمانها بقساوة قال لها: “يا امرأة عظيم إيمانك، فليكن لك ما تريدين”. ومن تلك الساعة شفيت ابنتها”. ومثل قائد المئة الروماني الوثني الذي أرسل بعثة إلى يسوع القادم إلى بيته ليشفي عبده تنقل قوله: “يا سيّدي، لا تتعب لأنّي لست مستحقًّا أن تدخل تحت سقفي …ولكن قل كلمة فيشفى فتاي … فتعجّب يسوع منه وقال للجمع: “لم أجد حتّى في إسرائيل مثل هذا الإيمان!” وعادت البعثة فوجدوا العبد المريض قد شفي.

قدّاس اليوم الأوّل من الجمعيّة السينودسيّة القاريّة
قدّاس اليوم الأوّل من الجمعيّة السينودسيّة القاريّة
أضاف الكاردينال الراعي يقول الإيمان عطيّة من الله، وفضيلة فائقة الطبيعة. والإيمان لكي يبقى حيًّا يحتاج إلى النعمة الإلهيّة الدائمة. ونحن بالصلاة وممارسة الأسرار وكلمة الله ننعشه ونغذّيه، ونعيشه بأفعالنا وتصرّفاتنا وسيرة حياتنا. هو ليس مجرّد تحليل فكريّ عقلانيّ. الإيمان هو الأساس لمعرفة أسرار الله. فكم نرى من أشخاص أميّين يعيشون الإيمان أكثر من علماء في اللاهوت! ولكي نعيش آية تسكين الرياح وأمواج البحر، لكون الإنجيل ليس مجرّد قصّة من الماضي، بل واقعًا نعيشه مع تبدّل الأشخاص والأمكنة والظروف والأزمان، فيما “يسوع المسيح هو هو أمس واليوم وإلى الأبد”، لا بدّ من قراءة رمزيّة للنصّ الإنجيليّ.

تابع البطريرك الماروني يقول السفينة هي الكنيسة، ومدنيًّا الدولة. التلاميذ هم رعاة الكنيسة، ومدنيًّا المسؤولون السياسيّون. البحر هو العالم بوجهيه الفسيح والمحدود. الرياح والأمواج هي الصعوبات والمحن والإضطهادات والثورات والإحتجاجات. في هذا الواقع الكنسيّ والمدنيّ لا خلاص لنا إلّا بيسوع المسيح، مخلّص العالم وفادي الإنسان. وهذا ما أعلنه بطرس بجرأة أمام رؤساء الشعب وشيوخ إسرائيل، بعد شفائه كسيح هيكل أورشليم، إذ قال: “إعلموا جميعكم أنّه باسم يسوع الناصريّ الذي صلبتموه وأقامه الله من بين الأموات، يقف هذا الرجل أمامكم معافى … فليس إنسان آخر، وليس تحت السماء إسم آخر وُهب للناس، به تجب الحياة”. إنَّ الكنيسة السينودسيّة هي هذه السفينة التي تمخر بحر هذا العالم الهائج بأزمات الحروب وويلاتها، ومآسي الشعوب الفقيرة والمهجّرة والمهاجرة، وبأزمات الإلحاد والإيديولوجيّات والروح الماديّة والإستهلاكيّة التي تشوّه الإيمان وتخنقه في قلوب المؤمنين، وبأزمات التعليم اللاهوتيّ والأخلاقيّ المناهض لتعليم الكنيسة.

قدّاس اليوم الأوّل من الجمعيّة السينودسيّة القاريّة
قدّاس اليوم الأوّل من الجمعيّة السينودسيّة القاريّة
وختم البطريرك الراعي عظته بالقول كلّ هذه المسيرة السينودسيّة، على مستوى الإستشارات في العالم بالوثيقة التحضيريّة، واليوم على مستوى القارات بالوثيقة الخاصّة بها، وفي تشرين الأوّل على مستوى الجمعيّة العموميّة برئاسة قداسة البابا فرنسيس، إنّما تسعى إلى شدّ أواصر الشركة والمشاركة، بهدف تحقيق رسالتها بإعلانٍ أفضل وأشمل لإنجيل يسوع المسيح. أعاننا الله على ذلك بشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة لبنان وأمّ الكنيسة.