كانت صفات المسيرة السينودسية للكنيسة والتي تطبع أيضا مسيرة تنشئة الإكليريكيين ونموهم الروحي محور كلمة البابا فرنسيس خلال استقباله اليوم جماعة إكليريكية Saint Mary من أبرشية كليفلاند في الولايات المتحدة.
استقبل البابا فرنسيس اليوم الاثنين جماعة إكليريكية Saint Mary من أبرشية كليفلاند في الولايات المتحدة. وعقب توجيه تحية حارة والترحيب بالجميع، من كهنة وشمامسة وإكليريكيين، أساتذة وعاملين في الإكليريكية، شكر الأب الاقدس الأسقف المطران ماليسيتش على كلمته. تابع البابا فرنسيس مشيرا إلى أن هذه الزيارة إلى روما، إلى قلب الكنيسة، تتزامن مع الاحتفال بالذكرى الـ ١٧٥ لتأسيس الإكليريكية، وأضاف أن هذه مناسبة لتوجيه الشكر إلى الله على العدد الكبير من الكهنة الذين تكَونوا في هذا المعهد خلال كل هذه السنوات. وأعرب الأب الأقدس من جهة أخرى عن سعادته لمعرفة أن هذه الإكليريكية تواصل الإجابة على الاحتياجات الحالية للكنيسة من خلال تربية وتكوين شمامسة وخُدام علمانيين لمساعدة أعضاء شعب الله المقدس في عيش الدعوة إلى أن يكونوا تلاميذ مرسَلين. وأشار قداسة البابا في هذا السياق إلى أن هذه الدعوة تكتسب أهمية أكبر في إطار المسيرة السينودسية التي تقوم بها الكنيسة بكاملها.
وواصل الأب الأقدس قائلا لضيوفه إنه، وبينما يواصلون السير على الدرب الذي يقود إلى السيامة والخدمة الرعوية، يريد أن يتقاسم معهم تأملات موجزة حول ثلاث صفات للمسيرة السينودسية، مضيفا أن هذه النقاط الثلاث هي أساسية أيضا لتكوينهم ككهنة وخدام للإنجيل. وتحدث البابا فرنسيس أولا عن الإصغاء، وفي المقام الأول الإصغاء إلى الرب. وقال إننا نعلم أننا لا يمكن أن نفعل شيئا بمفردنا، وذلك لأنه وكما قال صاحب المزامير “إن لم يبنِ الرب البيت فباطلا يتعب البناؤون” (مز ١٢٧، ١). وتابع البابا أن هذا الوعي يدعونا إلى أن نوفر فسحة للرب في كل يوم من حياتنا، والتأمل في كلامه والعثور على نور لمسيرتنا بمساعدة مرافقة روحية، وفي المقام الأول يدعونا إلى قضاء الوقت مع الرب في الصلاة والإصغاء الصامت أمام القربان. وأراد الأب الأقدس هنا حث الحضور على ألا ينسوا أبدا أهمية الوقوف أمام الرب للإصغاء إلى ما يريد أن يقول لهم، فالإصغاء إلى صوت الله في أعماق قلبنا وتمييز مشيئته أمر أساسي بالنسبة لنمونا الداخلي، وخاصة حين نكون أمام واجبات ملحة وصعبة. وأضاف قداسته أن حياة الإكليريكية توفر لهم فرصة إنماء عادة الصلاة التي ستكون هامة بالنسبة لهم في خدمتهم المستقبلية، كما وأوضح أن الإصغاء إلى الرب يعني من جهة أخرى ردا يطبعه الإيمان على كل ما كشفه الرب وما تنقله الكنيسة كي تتمكنوا من تعليم الآخرين وأن تعلنوا لهم بصدق وفرح حقيقة الإنجيل وجماله، قال البابا.
الصفة الثانية للمسيرة السينودسية التي أراد البابا فرنسيس التأمل فيها مع جماعة الإكليريكية هي السير معا. وقال لضيوفه أن فترة التكوين في الإكليريكية تشكل بالنسبة لهم فرصة لتعميق روح الشركة الأخوية لا فقط فيما بينهم، بل وأيضا مع الأسقف وكهنة الكنيسة المحلية، المكرسين والمؤمنين العلمانيين، ومع الكنيسة الجامعة. وتابع الأب الأقدس مشددا على أنه من الضروري أن ندرك كوننا أعضاء شعب واحد كبير تَلَقى وعود الله كعطية لا كامتياز. وأضاف قائلا للإكليريكيين إن دعوتهم هي هبة يجب وضعها في خدمة بناء جسد المسيح، وتابع أن الراعي الجيد يسير مع القطيع فيكون أمامه في بعض الأحيان لإرشاده على الطريق، أو وسط القطيع في أحيان أخرى لتشجيعه، وأحيانا خلف القطيع لمرافقة مَن يواجهون متاعب. ودعا الأب الأقدس الإكليركيين إلى أن يتذكروا دائما أهمية السير مع القطيع، لا منفصلين عنه أبدا.
وفي حديثه عن الصفة الثالثة للمسيرة السينودسية توقف البابا فرنسيس عند الشهادة، وقال إن الإصغاء إلى الله والسير مع الآخرين يحملان الثمار حين يصبحان علامات حية ليسوع الحاضر في العالم. وواصل الأب الأقدس حديثه إلى ضيوفه معربا عن الرجاء في أن تُعِدهم السنوات التي يقضونها في الإكليريكية على أن يهبوا أنفسهم بالكامل لله ولشعبه المقدس، وأضاف أن الكنيسة هي في حاجة إلى حماسهم وسخائهم وعزمهم كي تكشف للجميع أن الله هو دائما معنا، في جميع ظروف الحياة. وتابع البابا فرنسيس أنه يصلي كي يكونوا دائما، في أيٍّ من اشكال الأعمال التي يقومون بها، علامة لكنيسة في انطلاق، وذلك بالشهادة لمحبة الله الرحومة وتقاسمها مع كل أعضاء العائلة البشرية، وخاصة مع مَن هم أكثر فقرا وعوزا.
وفي ختام كلمته إلى وفد جماعة إكليريكية Saint Mary من أبرشية كليفلاند في الولايات المتحدة، الذي استقبله اليوم الاثنين، قال البابا فرنسيس للإكليريكيين إن صفات المسيرة السينودسية للكنيسة الثلاث هذه، أي الإصغاء والسير معا والشهادة، تطبع أيضا مسيرتهم نحو السيامة الكهنوتية. ثم أعرب الأب الأقدس عن ثقته في أن دراستهم وتكوينهم في إكليريكية القديسة مريم سيُمَكناهم من النمو في المحبة الأمينة لله والخدمة المتواضعة للأخوة والأخوات. أوكل البابا بعد ذلك الجميع إلى شفاعة العذراء مريم الأمومية وبارك الجميع وعائلاتهم وكنائسهم المحلية وسألهم أن يُصلوا من أجله.