البطريرك الراعي يطرح 7 أسئلة على النواب المسيحيين في خلوة روحيّة ببيت عنيا
طرح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، في خلال ترؤسه القداس الإلهي في ختام الخلوة الروحيّة التي دعا إليها النواب المسيحيين في بيت عنيا-حريصا، 7 أسئلة مهمّة على الحاضرين، مؤكدًا أن السياسة التي تسعى إلى خلق مساحة شخصيّة وفئويّة أوسع هي سياسة سيّئة، أمّا تلك التي تسعى إلى وضع أسس لمستقبل الأجيال، فهي سياسة صالحة.
وقد استُهلّت الخلوة الروحيّة التي حضرها 53 نائبًا مسيحيًّا بصلاة وكلمة روحيّة ألقاها النائب البطريركي المطران أنطوان عوكر تحت عنوان «الخلاص بين عمل الله وأعمال المؤمن».
وجاء في عظة الراعي ما يلي:
«تنبّأ قيافا رئيس الكهنة بأنّ يسوع كان مزمعًا أن يموت عن الشعب ويجمع أيضًا في واحد أبناء الله المشتّتين» (يو 11: 53)
1.في ختام هذه الرياضة الروحيّة، نرفع ذبيحة الشكر لله، وقد خاطب قلب كل واحد وواحدة منّا من موقعه، وجعلنا نتّخذ مقاصد في حياتنا ومسؤوليّاتنا. ولا ننسى أن الله استجاب صلوات شعبنا في لبنان وخارجه، وقد عبّروا عن فرحتهم لهذه المبادرة، وعلّقوا عليها آمالًا كبيرة.
2.تؤكد كلمة إنجيل اليوم أن المسيح ربّنا ارتضى الموت على الصليب ليفتدي خطايا كل إنسان يأتي إلى العالم. إن كل واحد وواحدة منّا هو هذا الإنسان. فلا يمكن أن نجعل موته سدًى. وارتضى الموت ليجمع أبناء الله إلى واحد. إن ثمن وحدتنا الروحيّة بروح الأخوّة والاحترام المتبادل لغالٍ، وغالٍ جدًّا، وهو دم المسيح المراق على الصليب.
في هذا الأسبوع المقدّس الذي نستذكر فيه آلام الربّ يسوع وموته فدًى عن خطايانا، وقيامته من الموت لتقديسنا، شئنا في منتصفه إقامة هذه الرياضة الروحيّة، آملين أن نحمل معنا ثمار موت يسوع على الصليب: فداء خطايانا، ووحدتنا بالمسيح.
3.في حديثٍ للبابا فرنسيس مع فريق من طلّاب العلوم السياسيّة، في 18 مارس/آذار الماضي، تكلّم عن السياسي الصالح، والسياسي السيّئ، انطلاقًا من وجهين يذكرهما الكتاب المقدّس في عهده القديم.
4.الوجه الأوّل هو آحاب الملك (3 مل 21: 1-15) الذي أراد استملاك كرم نابوت ليوسّع حديقته. فرفض نابوت التخلّي عن ميراث أجداده، ما جعل الملك يحزن ويمتنع عن تناول العشاء. فوجدت زوجته الحيلة لقتل نابوت. ولمّا فعلت، قالت للملك: «قم، فرث كرم نابوت. فلم يبقَ حيًّا، بل مات» (الآية 15). لكن قصاص الله لآحاب وزوجته كان صارمًا للغاية (الآيات 16-25).
آحاب يمثّل السياسة السيّئة التي تتقدّم في مصالحها الخاصّة، وتقصي الآخرين، والتي لا تسعى إلى الخير العام، وتستعمل كل الوسائل للوصول إلى مصالحها. آحاب الملك ليس أبًا بل متسلّط. السياسة التي تمارس السلطة تسلّطًا لا خدمة هي غير قادرة على الاعتناء بالآخرين، فتسحق الفقراء، وتستغلّ الأرض بتشويه طبيعتها، وتواجه النزاعات بالحرب، ولا تعرف كيف تحاور.
5.الوجه الثاني. هو يوسف بن يعقوب (تك 37: 23-35) الذي باعه إخوته عبدًا لحسدهم منه لتجّار في طريقهم إلى مصر. وبعد أحداث متنوّعة دخل في خدمة فرعون وأصبح كأنّه نائبًا للملك، ما جعل الفرعون يقول للمصريين عند كل حاجة: «اذهبوا إلى يوسف، فما يقله لكم افعلوه» (تك 41: 55). ثمّ كان أن جاء إخوته إلى مصر، فاستقبلهم واعتنى بهم ولم يعاتبهم على شيء، ولم يحفظ ضغينة، ولا ضمر شرًّا لأيّ منهم، بل انتصر على الشرّ بصنع الخير. يوسف الذي اختبر الظلم شخصيًّا لم يبحث عن خيره بل عن خير الشعب.
6.يستنتج البابا من هذين الوجهين الروحانيّة التي ينبغي أن تغذّي العمل السياسي، ويختصرها بمظهرين: المحبّة التي تضع السياسي في موقع أقرب من كل إنسان، ولا سيّما من هم الأضعف والأفقر؛ وتضعه في موقع الاهتمام بمستقبل أفضل للأجيال الطالعة. إن السياسة التي تسعى إلى خلق مساحة شخصيّة وفئويّة أوسع هي سياسة سيّئة، أمّا تلك التي تسعى إلى وضع أسس لمستقبل الأجيال، فهي سياسة صالحة، وفقًا للقاعدة الذهبيّة «الوقت يفوق المساحة».
7.على ضوء هذين الوجهين وفي ختام هذه الخلوة الروحيّة، فليطرح كل واحد منا، بل كل سياسي صالح هذه الأسئلة على نفسه:
-بماذا جعلت الشعب يتقدّم؟
-أيّ طابع تركت في حياة المجتمع؟
-أيّ روابط حقيقيّة بنيت؟
-أيّ قوى إيجابيّة حرّرت؟