الخليقة في ترقب ، تراقب و تنتظر في سكون هذا الحدث ،الذي لولاه ، بقي الانسان في الموت .
بعد حدث السبت العظيم ،لم يبقى الموت موتا ، بل اصبح الموت حياة لكل انسان . المسيح اتى الى العالم نور ، نورا قدوسا ينير من ظلام الجهل ، هذا الظلام المتربص في خطيئتنا التي طبعت بشريتنا بالذل و الهوان.
لا يستطيع الانسان ان يكون الها من دون الله ، المسيح، باخلائه ذاته في التجسد ، نقل اول خطوة له في تدبيره نحو تأليهنا ليعيدنا الى ما قبل ان يتمرد الانسان على ابيه ، الخالق، الذي احبه الى حد انه خلقه على “صورته و مثاله” اي محبوبا و محبا ، يخرج من ذاته و يفيض محبة لكل خليقة .
ماذا فعل المسيح بين موته و قيامته ؟ أين ذهب و ماذا فعل ؟
نرتل في مثل هذا اليوم و نقول :
اليوم الجحيم تنهدت صارخة : لقد كان الاجدر بي ان لا اقبل المولود من مريم ، لانه أقبل الي فلاشى سلطاني ، و سحق ابوابي النحاسية . و اقام النفوس التي كنت قد استوليت عليها قبلا . بما انه الاله. فالمجد لصليبك يا رب و لقيامتك .
اليوم الجحيم تنهدت صارخة : لقد تلاشى سلطاني ، لاني تقبلت ميتا كأحد الاموات ، فلم استطع قط ان اضبطه . بل فقد معه الذين كانوا تحت سلطتي . انا كنت مستولية على الاموات منذ الدهر . الا ان هذا قد انهض الجميع . فالمجد لصليبك يا رب و لقيامتك.
اصبح واضحا ، في هذا السكون الذي تعيشه الخليقة ، و هو يشق لها طريقا نحو التجديد ، ان المسيح لم يستريح .
في استراحته عمل ، كعمل الاب الدائم . الله استراح في السبت ، المسيح سبت بالجسد ، الا انه زار الجحيم ، و الواضح، كانت زيارة غير مرغوب فيها على الاطلاق .
تخيلوا معي واهب الحياة و مبدأها، يلاقي الموت في عقر داره، و هو الذي التقى به و هزمه قبلا عندما كان يلازم شعبه الذي علقه على الصليب، باقامته ابنة يئيروس و لعازر قبل دخوله المدينة المقدسة .
الجحيم ، بملاقاتها المسيح ، لم تستطع ان ترفضه كميت ، فهو تجسد لكي يزورها كانسان ميت ، فماذا فعل بها يا ترى ؟؟!!
اسقط عزتها ، و انهض آدم ، و الذين كانت مالكة عليهم فقدتهم، و الذين ابتلعتهم باقتدارها ، قذفتهم جميعا..
ماذا تفعل الكنيسة في احتفلاتها في هذا اليوم المهيب ؟
يوم السبت العظيم ، تحتفل الكنيسة في خدمتها الصلاتية بتقديس النور ، بصلاة الغروب و الليترجيا الالهية لابينا في القديسين باسيليوس الكبير ، و اللافت انها تحتفل بالقداس على القبر الموضوع الهيكل خارج ، لكن لماذا ؟
لان الكنيسة، جسد المسيح،لا تستطيع الا ان تكون جزءا في هذا اليوم و تحتفل بنصرها مع المسيح في الجحيم ، و كأن الجحيم نفسه أصبح فردوسا .
نزلت الكنيسة مع المسيح لتبشر الذين لا يعرفونه ، و كأنها لا تستطيع ان تبلغ قيامتها الا بتبشيرها بالقيامة الباهرة
لقد اتى ملكوت الحياة و لا وجود لسلطان الموت من بعد يقول النيصي
خارج الهيكل ، و كاننا خارج اورشليم ، المكان المقدس ، فبموت المسيح و قيامته ، لا يوجد خارج و داخل ، فالكل تقدس بدم الحمل الفصحي ، المسيح الرب و الاله.
المسيح بنزوله اصعدنا معه ، ليشركنا في المكان المقدس ،ليعيدنا الى الداخل ، داخل السور ، بالوليمة الفصحية ، و هذا ما نراه يوم الفصح باشتراكنا بليترجيا المحبة داخل الهيكل .
تأمل اليوم في مكانه ، انه يوم الترقب ، يوم التأمل بعيد الاعياد و السر الفائق.