إحتفلت بطريركية الروم الارثوذكس يوم الأحد الموافق 30 نيسان 2023 (17 نيسان شرقي) بأحد حاملات الطيب والقديس يوسف الرامي (من أريماثيا) الذي طلب من بيلاطس البنطي إنزال جسد السيد المسيح من على الصليب ولفه بكتّان ووضعه في قبر, وبتذكار النسوة حاملات الطيب اللواتي أتين الى القبر ليطوبن جسد الرب كما كانت العادة عند اليهود لكنهن وجدن الحجر مدحرجاً عن باب القبر ليصبحن شاهدات على قيامة الرب يسوع المسيح من بين الاموات (يوحنا الإصحاح 19).
في مدينة الرملة (أريماثيا) ترأس غبطة البطريرك كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث خدمة القداس الإلهي الإحتفالي يشاركه سيادة متروبوليت كابيتوليلذا كيريوس إيسيخيوس, رئيس أساقفة يافا كيريوس ذماسكينوس, سيادة رئيس أساقفة قسطنطيني كيريوس أريسترخوس, آباء من أخوية القبر المقدس, وآباء الرعية الأورثوذكسية في الرملة والمنطقة, بمشاركة عدد كبير من أبناء الرعية الأوثوذكسية في الرملة والمنطقة وحضور ممثل السفارة اليونانية في تل أبيب والملحق العسكري في السفارة.
كلمة صاحب الغبطة بطريرك المدينة المقدسة كيريوس كيريوس ثيوفيلوس الثالث بمناسبة أحد حاملات الطيب ويوسف الصدّيق في مدينة الرملة
تعريب: قدس الأب الإيكونوموس يوسف الهودلي
يهتف مرنم الكنيسة قائلاً :أيها المتردي النور كالسربال ، لما أحدرك يوسف مع نيقوديموس من الخشبة و شاهدك ميتا” عريانا” غير مدفون أبدى عويلا” يرثى له و هتف بنحيب قائلا…لكني الآن أراك قد احتملت من أجلي الموت طوعا”،فكيف أجهزك ياإلهي ، أم كيف أدرجك بالسباني . بأي يدين ألامس جسدك الطاهر ، أم بأي مراث أنشد لتجنيزك . فيا أيها الرب الرؤوف أعظم آلامك وأسبح دفنك و قيامتك هاتفا” : يارب المجد لك.
أيها الإخوة المحبوبون في المسيح
أيها المسيحيون الأتقياء
إن النور الأبديّ الذي لا يعروهُ مساءٌ، نورَ قيامةِ مُخلصنا المسيح قد جمعنا في هذا الدير في اجتماع البركة السرية هذا ،أي القداس الإلهي، في هذه المدينة التي ورد ذكرها في الإنجيل المقدس، في الموطن الخاص لتلميذيّ المسيح الخفيين نيقوذيموس الذي طرد من المجمع ويوسف الذي من الرامة والنسوة حاملات الطيب اللواتي شاهدن القيامة أولا لكي نعيّد بتمجيدٍ لتذكارهم المقدس، لأن هؤلاء النسوة قد أصبحن شاهداتٍ صادقات لآلام ربنا و مخلصنا يسوع المسيح وقيامته من بين الأموات كما يؤكد بوضوح مرنم الكنيسة قائلاً: فليفرح معنا التلاميذ الاثنى عشر والنسوة حاملات الطيب ويوسف ونيقوذيموس وبقية تلاميذ المسيح وتلميذاته.
ومن الجدير بالذكر أن الفائقة القداسة والدة الإله الدائمة البتولية مريم هي تلك التي أول من رأت الرب القائم من بين الأموات كما يؤكد القديس غريغوريوس بالاماس قائلاً: إن إنجيل قيامة الرب في الواقع قد قبلته أولاً والدة الإله العذراء مريم ورأت قبل غيرها من البشر القائم من بين الأموات وسجدت لهُ وتمتعت بكلامه الإلهي.
وعند سؤال المسيح لتلاميذه:وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ الْمَسِيحُ( مر 8: 29 ) وأما حول سؤالنا نحن من هو؟ أو بالأحرى من يكون المسيح؟ فإن القديس يوحنا الإنجيلي يجيبُ قائلاً: أن المسيح هو كلمة الله هو النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِيًا إِلَى الْعَالَمِ.(يو 1 : 9 ).
إن هذا النور هو قيامة المسيح حسب شهادته هو ذاته أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا(يو 11: 25 ) و أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ(يو 8 : 12 )
إن قيامة الرب بحسب القديس غريغوريوس بالاماس هي تجديد الطبيعة البشرية وإعادة إحياءها وإعادة جبلها وإصعادها نحو حياة آدم الأول الخالدة التي ابتلعها الموت بسبب الخطيئة وعاد بالموت إلى الأرض التي منها جُبلَ.
تُكرم كنيستنا المقدسة بإجلال ووقار تذكار تلميذي المسيح الخفيين القديس يوسف الذي من الرامة ونيقوذيموس تذكار النسوة القديسات حاملات الطيب والرسول توما أيضاً اولئك الذين كانوا خادمين و معاينيين للدفن الثلاثي الأيام و قيامة المسيح. و أما يوسف هو ذلك الذي تَجَاسَرَ وَدَخَلَ إِلَى بِيلاَطُسَ وَطَلَبَ جَسَدَ يَسُوعَ (مر 15 : 43 )ومن ثم نيقوذيموس الذي أنزل جسده المسيح عن الصليب ودفنه.
وأما النسوة حاملات الطيب ، اشْتَرَين حَنُوطًا لِيَأْتِينَ وَيَدْهَنَّ يسوع وَبَاكِرًا جِدًّا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أي في يوم الاحد أَتَيْنَ إِلَى الْقَبْرِ فذهبن و أخبرن التلاميذ أنهن رأين الرب.
وأما بالنسبة لتوما الرسول فمن خلال تفتيش جنب المسيح المطعون بالحربة فقد أكد و وشهد بأجلى بيان عند مشاهدته الجنب كما يقول القديس يوحنا الدمشقي حيث خرج الدم والماء للمعمودية. شاهد الجرح الذي بهِ شُفي الإنسان من الجرح العظيم وشاهد أنه ليس روحٌ لكنه جسداً و عظاماً.
حقاً إن الإنسان هو الجرح العظيم الذي نتج بسبب حريته في الاختيار كما يقول الرسول بولس عَامِلِينَ مَشِيئَاتِ الْجَسَدِ وأَفْكَارِه( اف 2 : 3 ) و بحسب القديس يوحنا اللاهوتي الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ.( 1 يو 2 : 17 ) فكل من يوسف الرامي و نيقوذيموس والنسوة الحاملات الطيب قد أَعْطَوْا أَنْفُسَهُمْ أَوَّلًا لِلرَّبِّ، وَلَنَا، بِمَشِيئَةِ اللهِ.(2 كور 8 : 5 ).
المسيح فصحٌ جديدٌ وذبيحة حية، حمل الله الرافع خطيئة العالم. وبتوضيحٍ أكثر أي أن المسيح هو الفصح الجديد أي الحمل الفصحي الجديد الذي ضحّى بحياته من أجل خلاصنا وهو حمل الله الذي حمل وأخذ على عاتقه ومحى بدمه خطايا العالم كما يقول المرنم.
إن هذا الفصح الجديد أيها الإخوة الأحبة هو جسد المسيح الإله المتأنس القائم من بين الأموات الذي هو كنيستنا المقدسة والتي تُبشر على الدوام بالذي تألم طوعاً وقُبر وقام من القبر في اليوم الثالث.
من خلال سر الشكر الإلهي نتذوق نحن قيامة المسيح أي الذبيحة الحيّة الذي هو جسد ودم المسيح كما يقول مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ(يوحنا 6: 54).
لهذا نحن مدعوون جميعاً نحن المعترفون بقيامة مخلصنا المسيح مُصغيين لما يوصينا به القديس غريغوريوس اللاهوتي قائلاً: إذا أنت يوسف الذي من الرامة فاطلب الجسد من الذي صلبه، فإنه بهذا الجسد قد تطهر العالم (الذبيحة الكفارية). وإذا أنت نيقوديموس التلميذ الليلي الذي يهاب الله، فادهن بالطيب ذلك الذي ستضعه في القبر. وإذا أنت أي أحد من المريمات أو مريم الأخرى، إذا أنت سالومي، أو إذا أنت يوانا فابكي باكراً جداً. وإذا صدف أنك توما وكنت غائب عن اجتماع التلاميذ عندما ظهر لهم المسيح، فعندما سترى المسيح فلا تكون غير مؤمن…. وإذا أنت غير مؤمن فكن مؤمناً من أولئك الذين رأوه وإذا لم تسمع من أولئك وتؤمن، فعاين آثار المسامير وكن مؤمناً.
إن أولئك الذين أصبحوا خُداماً ومعاينين لآلام وصلب وقيامة ابن الله وابن العذراء الدائمة البتولية مريم والدة الإله والتي منها ابن وكلمة الله قد قهر الجحيم و وأمات الموت و نحن بعد الموت بُعثنا واستحققنا الحياة ونلنا الفردوس النعيم القديم، فنُمجد المسيح إلهنا شاكرين، لأنه العزيز والكثير الرحمة وحده.