مريم العذراء

الحديث عن السيدة مريم عليها السلام، يدفعنا إلى استحضار سيرتها المتصفة بالقدسية والتفرد، لتحليل مجرياتها التاريخية وتحديد مدى تطابقها أو اختلافها مع ما حيك حولها من أخبار ثيولوجية وليتورجية أدرجت ضمن ما وصف باللاهوت المريمي.

وقد تجاذبت الديانات السماوية مناحي هذه الشخصية لتتباين النظرة إليها، بين المتهم لها بأبشع الصفات، والمتشفع بها باعتبارها الشريكة في الفداء والخلاص.

مما يجعل موضوع السيدة مريم يتجاوز المروي إلى علاقة تأثير وتأثر تمخض عنها خلق لصورة جديدة لها، تجمع التاريخي والعقدي والأسطوري.

ويأتي هذا البحث، معتمدا على استقراء الكتب المقدسة، وفي إطار البحث العلمي المعزز بعلم مقارنة الأديان، لتناول هذه الشخصية، للخروج بنتائج في غاية الأهمية، توضح حقيقتها.

كانت ولاتزال شخصية السيدة مريم مثار جدل كبير في الفكر الديني عموما، والمسيحي منه على وجه الخصوص. فطبيعة هذه الشخصية طبيعة إشكالية في أبعادها ومراميها، تتفرع بين مقدس لها مؤسس لسلطتها على الفكر المسيحي، ومنكر لحقيقتها، متجاوز كل المعطيات الدينية بشأنها، معتبر ما حيك حولها مجرد أساطير لا أساس لها من الصحة أو الحق. والواضح أن هناك غموضا يصل إلى حد الإبهام في تناول هذه الشخصية الوازنة في الفكر الديني، والتي أُنشئت حولها مذاهب وتوجهات فلسفية وفكرية متعددة أضفت عليها معالم شخصية قدسية امتدت آثارها إلى أنساق مختلفة من الفكر الديني المسيحي. لم تتناول المجادلات اللاهوتية السيدة مريم على وجه مباشر، بل المسيح بالأحرى، ومع ذلك سنرى كيف أدت هذه المجادلات إلى نتائج تختص بالعقيدة المريمية.

يتبع…..