إنّه سبتَ الراقدين وليس سبت الأموات. الموتُ أُميتَ بموتِ المسيحِ بطبيعته البشريّة على الصليب، وبنزولِ الرّبِّ إلى الجحيم غُلِبَ الموتُ في عُقرِ دارِه.
لا موت في المسيحيّةِ بل رقادٌ وانتقالٌ إلى الحياةٍ الأبديّة.
المائت الحقيقي هو الرافض لنعمة الرّبّ يسوع المسيح وحضوره في قلبه. وهنا نسمع بولس الرسول يقول: «اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ الْمَسِيحُ». (أفسس١٤:٥)
أمواتنا يرقدون على رجاء القيامة الأبديّة وبالتالي لا يموتون، وسيّد الحياة ومصدرها تجسّد وأخذ طبيعتنا البشريّة وصلب وقام وأقامنا معه، وأبطل الموت بموته، وبتنا به أناسًا قياميّين.
الصلاةُ إلى الراقدين مِن صُلبِ الإيمانِ المسيحيّ، وحياةُ الإنسانِ لا تنتهي مع تحلُلِ جسمِه التُّرابيِّ وانفصالِ روحه عن جسدِه، بل يستمرُّ الإنسانُ حيًّا بالروح في انتظارِ القيامةِ العامّة: “لا تتعجّبوا من هذا، فإنّه تأتي ساعة فيها يسمَع جميعُ الذين في القبورِ صوتَه، فيخرجُ الذين فعَلوا الصالحاتِ إلى قيامةِ الحياة، والذين عمِلوا السيئاتِ الى قيامةِ الدينونة” (يوحنا٢٨:٥-٢٩).
المسيحيّةُ تخاطبُ كلَّ بشرٍ وتقولُ له: “يا إنسان، لا تَكتَفِ بالقولِ إنّك من الترابِ وإلى الترابِ تعود، بل قُلْ أيضًا إنّك من الله وإليه تعود”.
- سبتان في السنة:
تخصص الكنيسة سبتين في السنة كتذكار عام للراقدين على رجاء القيامة والحياة الأبديّة، إذ هناك مًن رقد ولا أحد يذكرهم.
مع العلم أن كلّ سبت في الليتورجيّة الأرثوذكسيّة مخصص للراقدين، إلاّ سبت لعازر وسبت النور وفي الأعياد. كذلك يُذكر الراقدون في كلّ قدّاس إلهيّ على المذبح أثناء خدمة الذبيحة proskomedia وفي الدخول بالقرابين.
- السبت الأوّل:
الرسالة: ١كو٢٣:١٠-٢٨
الإنجيل: لوقا٨:٢١-٢٥،٩-٣٣،٢٧-٣٦
يوم السبت قبل أحد الدينونة مباشرةً أو ما يعرف شعبيًّا بأحد مرفع اللحم.
الدينونة تعني مجيء المسيح الثاني، ولأن أمواتنا لم يخضعوا للدينونة بعد، تذكر الكنيسةُ الراقدين على الرجاء وتدعونا للصلاة من أجل راحة نفوسهم ونوال رحمة الله العظمى اللامتناهية، كما تذكّرنا في الوقت ذاته بضرورة التوبة. - السبت الثاني:
الرسالة: أعمال الرسل ١:٢٨-٣١
الإنجيل: يوحنا ١٤:٢١-٢٥
يوم السبت الذي يسبق أحد العنصرة مباشرةً.
فالروح القدّس هو علّة الحياة والنعمة والقداسة، ولهذا نطلب نعمة الروح القدس لتعزية الراقدين وراحتهم.
ملاحظة:
لا يأتي دستور الإيمان الذي هو مِن القرن الرابع الميلادي إلى ذكر لفظة “موت” للمسيح، بل يقول عنه “صُلب عنّا على عهد بيلاطس البنطي، تألّم وقبر، وقام في اليوم الثالث”.
هذا مراده أن للمسيح طبيعتين كاملتين ومشيئتين كاملتين: إلهيّة وبشريّة. هو مات مِن جهّة طبيعته البشريّة وليس مِن جهّة طبيعته الإلهيّة. الطبيعةَ الإلهيّةَ لا تموتُ، وهو قامَ بسلطانِ ذاتِه.
“أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ.
مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا”
(يوحنا ١١: ٢٥)