البابا: بالتأمل في قلب يسوع ندرك البعد الرسولي لكل معمَّد

كان قلب يسوع الرحوم والشفوق محور كلمة البابا فرنسيس خلال استقباله المشاركين في الجمعية العامة للأعمال الرسولية البابوية.


استقبل البابا فرنسيس صباح اليوم ٣ حزيران يونيو المشاركين في الجمعية العامة للأعمال الرسولية البابوية.

وبعد ترحيبه بالجميع أكد الأب الأقدس أهمية التذكير في هذه اللحظة، وبينما تتواصل المسيرة السينودسية، بأن الجماعة المسيحية هي بطبيعتها رسولية، فقد نال كل مسيحي عطية الروح القدس وهو مدعو لمواصلة عمل يسوع معلنا للجميع فرح الإنجيل وحاملا تعزية الإنجيل في الأوضاع المختلفة لتاريخنا الجريح غالبا. وواصل البابا أن مَن يدع محبة المسيح تجذبه فيصبح تلميذا له يشعر أيضا بالتوق إلى أن يحمل إلى الجميع الرحمة والشفقة النابعتين من قلب المسيح.

وحول قلب يسوع تحديدا دعا البابا فرنسيس الحضور إلى التأمل، وتابع أننا بالنظر إلى قلب يسوع الرحوم والشفوق يمكننا التأمل في كاريزما وفي رسالة الأعمال الرسولية البابوية. وتوقف الأب الأقدس أولا عند قلب يسوع والرسالة، فقال إننا حين نتأمل في قلب يسوع نكتشف تصميم الله العظيم للبشرية، وتابع أن الآب، وكما قال يسوع، “أَحبَّ العالَمَ حتَّى إِنَّه جادَ بِابنِه الوَحيد لِكَي لا يَهلِكَ كُلُّ مَن يُؤمِنُ بِه بل تكونَ له الحياةُ الأَبدِيَّة”. وأضاف الأب الأقدس أن بإمكاننا أن نلمس في قلب يسوع المصلوب الجريح حب الآب اللامتناهي، فهو يحبنا حبا أبديا ويدعونا إلى أن نكون أبناءه وأن نتقاسم الفرح الذي يأتي منه، يبحث عنا حين نضل، يُنهضنا حين نسقط ويجعلنا نولد من جديد. وعاد الأب الأقدس إلى كلمات يسوع حول محبة الآب حين قال: ومَشيَئةُ الَّذي أَرسَلَني أَلاَّ أُهلِكَ أَحَداً مِن جَميعِ ما أَعْطانيه بل أُقيمُه في اليَومِ الأَخير”.

وواصل البابا فرنسيس أن هذا ما أظهره لنا يسوع في كل حياته، في الشفقة إزاء الجرحى، في التأثر أمام الألم، في الرحمة التي مسح بها الخطأة، في فدائه لخطيئة العالم. لقد كشف لنا يسوع قلب الله كقلب أب ينتظرنا دائما، يرانا عن بعد ويأتي للقائنا بذراعين مفتوحتين، أب لا يرفض أحدا بل يقبل الجميع، لا يستثني أحدا بل يدعو الجميع. لقد أُرسلنا كي نواصل هذه الرسالة، قال الأب الأقدس، أن نكون علامة قلب المسيح ومحبة الآب معانقين العالم كله. وتابع البابا أننا نجد هنا جوهر رسالة الكرازة بالإنجيل، أي بلوغ الجميع حاملين محبة الله اللامتناهية، البحث عن الجميع، استقبال الجميع، تقديم الحياة للجميع بدون استثناء أحد. تولد كل رسالة نقوم بها، أضاف الأب الأقدس، من قلب يسوع لندعه يجذب الجميع إليه.

توقف قداسة البابا بعد ذلك عند كاريزما الأعمال الرسولية البابوية اليوم. وقال في هذا السياق إنه يريد التأكيد على ما كتب في الدستور الرسولي Praedicate Evangelium حين تحدث عن دعوة الأعمال الرسولية البابوية إلى أن تكون أدوات لتعزيز حس المسؤولية تجاه الرسالة في كل شخص معمَّد، ولدعم الكنائس الخاصة الجديدة. وتابع البابا أن الأعمال الرسولية البابوية ليست وكالة لتوزيع الموارد لمن يحتاج إلى مساعدة، بل هي مدعوة إلى دعم رسالة الكرازة بالإنجيل في الكنيسة الجامعة وفي الكنائس المحلية، وإلى إنماء الروح الرسولية في شعب الله. ودعا قداسته بالتالي الحضور إلى تكثيف نشاط التحفيز والتوعية وتكوين الروح الرسولية وذلك بجرأة وإبداع الروح القدس. دعا البابا أيضا إلى تعزيز المسؤولية الرسولية للمعمَّدين، وتحدث الأب الأقدس هنا عن أهمية تثمين شبكة الإدارات الوطنية للأعمال الرسولية مشيرا أيضا إلى احتياج البلدان ذات التقاليد المسيحية القديمة إلى تجديد البشارة وإلى ارتداد رعوي.

ثم انتقل البابا فرنسيس إلى الحديث عما وصفها بآفاق وأحلام من أجل التجدد، وقال في هذا السياق إن الحلم الأكبر هو في تعاون رسولي أكثر تلاحما وتنسيقا بين جميع أعضاء الكنيسة. وأشار قداسته إلى ما للأعمال الرسولية البابوية من دور هام في هذا المجال. وشدد الأب الأقدس في حديثه إلى ضيوفه على الدعوة إلى أن يكونوا خميرة، وذلك كي يساهموا في تعزيز الأسلوب الرسولي للكنيسة ودعم أعمال الكرازة بالإنجيل. وواصل البابا فرنسيس مشيرا إلى أن هذه الدعوة تتطلب تصرفا خاصا من أجل زرع الشركة والأخوّة وهو ما يتحقق أيضا من خلال بنى مؤسَّسة في مجالس الأساقفة والأبرشيات كافة وذلك من أجل خير شعب الله بكامله. وذكَّر الأب الأقدس هنا بأهمية كون مؤسسي الأعمال الرسولية أسقفا وكاهنا وعلمانيتين أي ممثلي فئات مختلفة من المعمدين، وأضاف أن هذه علامة تُلزمنا بأن نُشرك جميع أعضاء شعب الله في التحفيز الرسولي. وشدد قداسته من جهة أخرى على ضرورة ألا نتوقف أبدا عن الحلم بمرحلة جديدة للعمل الرسولي للجماعات المسيحية.

وفي ختام كلمته إلى المشاركين في الجمعية العامة للأعمال الرسولية البابوية الذين استقبلهم اليوم السبت وجه البابا فرنسيس الشكر إلى جميع المتعاونين وذلك على الخدمة السخية والتي غالبا ما تدور وراء الكواليس ووسط مصاعب كثيرة حسب ما ذكر قداسته. ثم تمنى الأب الأقدس للجميع أن تكون متقدةً لديهم دائما الغيرة الرسولية وأن يحفزهم الشغف بالكرازة، ودعاهم إلى أن يحملوا فرح الإنجيل كي ينتشر في العالم بكامله.
وختم البابا فرنسيس متضرعا كي ترافقهم مريم العذراء كأم، ثم بارك ضيوفه سائلا إياهم الصلاة من أجله.