من بيتٍ عائليّ، عبقت فيه طيوب الإيمان، تعلّم أبونا يعقوب أسرار القداسة، من والدةٍ عكست عيناها أنوار الحبّ، والفرح، بين زوايا بيتها، وفي حدقات أولادها …. بين صلواتٍ تتلوها، وترانيم تنشدها، مازالت نغماتها أصداء فرحٍ، وحبّ، في شوارع غزير، القرية اللّبنانيّة، مسقط رأس” أبونا يعقوب”.
وكانت البداية مع أمّ قديسة… وأكمل أبونا يعقوب الطّريق… لأنّه أصغى، وسمع صوتَ الرّبّ ….
غزير 1 شباط 1875 ولد خليل الحدّاد… الطّوباويّ أبونا يعقوب…
تعلّم خليل في صغره، في مدرسة “مار فرنسيس الابتدائيّة للآباء الكبّوشيين” في “غزير”، تعلّم فيها اللّغات العربيّة، والفرنسيّة، والسّريانيّة، وبعدها انتقل إلى مدرسة “المزار” وأظهر تفوّقًا كبيرًا، وأكمل تحصيل علمه، في مدرسة الحكمة، لا يعرف سوى السّهر الفعليّ لتحقيق ذاك المتعلّمِ – الإنسان، المتعلّم المثاليّ…
وسافر إلى مصر، ليعيش رسالة التّعليم… وهناك تحقّقت أمنية الرّبّ هامسةً في حنايا روحه:
” يا خليل قد اخترتك…”
وها هو صوت الرّب يعلن إرادته في أرض مصر، أمام حدَثيْن ، رؤية كاهن مات فيه الجسد، وأحاديث عن آخر ماتت فيه الرّوح….
دخل خليل كنيسة القدّيسة كاترين ليصلّي، فإذا به أمام جنازة كاهن فرنسيسكانيّ… رآه حافي القدمين، مسبحته، وصليبه في يده، وتحت رأسه عيدان من الحطب…
وكان القرار…”أنا أيضًا سأكون كاهنًا مثل هذا” مات كاهن ، وولد آخر…
والحدث الثّاني كان لقاء مع كاهن مسكين، كثرت حوله ثرثرات، وأخبار مشكّكة …. وكانت الصّرخة في قلب خليل: ” سأصير كاهنًا لأعوّض عن هذا” مات كاهن، وولد آخر…
وهكذا سمع خليل همسات الرّوح، ودعوة المسيح إلى وليمة الخلاص… هكذا ولد خليل مع ولادة يعقوب…
هكذا ولد الرّاهب، والمعلّم، والواعظ، ومدير المدارس، ومرشد الأخويّات، ومؤسّس جمعيّة راهبات الصّليب… هكذا ولد اللّبنانيّ المؤمن بكرامة الإنسان، والوطن…
هكذا سار خليل ليخطّ قداسة يعقوب…