رعية اللاتين جبيهه تواصل دورة التنشئة من خلال سفر الرؤيا

واصلت رعية اللاتين الجبيهه بالتعاون مع المركز اليسوعي محاضرات التنشئة الكتابية في سفر الرؤيا لابناء الرعية، والتي يقدّمها الاستاذ رائد خوري من المركز اليسوعي.


وفي هذه المحاضرة الثامنة، تم التطرّق إلى الأبواق السبعة. وقد قسّمت هذه الأبواق إلى ثلاثة مجموعات.
وتتناول المجموعة الأولى أول أربعة أبواق. فمع الأبواق الأربعة أتت النكبات الأربع، الأولى أصابت الأرض، والثانية أصابت البحر والثالثة أصابت المياة العذبة والرابعة أصابت السماء. وهذه النكبات الأربعة أتت كردة فعل على خطيئة الانسان، والرفض المتكرّر لحماية الرب.
فالبرد اختلط بالنار، أي أن الحامي قد اختلط بما هو بارد، وهذه علامة من علامات الفوضى. فالبرد والنار كلاهما،جماد، وقد اختلطا بالدم (الذي رمز الى الحياة)، وهذا الاختلاط، لهو الآخر مظهرُ من مظاهر الفوضى التي تسبق الخلق الجديد.
وبعد ذلك سقط كوكب يسمى علقم في مياة الانهار العذبة، فتحولت الى المرارة. وبعد ذلك احتجب نور الشمس، وكأننا نشهد حركة عكسية للخلق الذي حدث في سفر التكوين، فبعد ان اعطت الشمس نورًا في الخلق الأول، نرى أن نور الشمس يحتجب الان. ومياة الانهار والبحار تتحول الى دم، وكأننا امام ضربات تشبه الضربات العشر التي سبقت خروج شعب الرب من أرض مصر.
وبعد أن انفصلت الجزر عن المياة في سفر التكوين، نعود لنرى غرق الجزر في مياة البحار. فماذا أراد الكاتب ايصاله من هذه الفوضى المعاكسه للخلق الاول، والتي ترد في اول اربعة أبواق من سفر الرؤيا؟ ما اراد الكاتب قوله، ان الخطيئة فد عمت ارجاء الكون من السماء، للبحر، للارض، للمياة العذبة. والرب على وشك ان يعيد خلق العالم الذي تشوه بالخطيئة من جديد. فما هذه الفوضى، سوى تلك الفوضى الخلاقة التي تتمخض بالالام، لكي تعطي سماء جديدة وارض جديدة وهيكل جديد وشعب جديد. هي صورة عن اعادة الخلق من جديد.
وبعد الابواق الاربعة كانت النسور تحوم في السماء. وكما كان روح الله يرف على وجه مياه الفوضى، في الخلق الاول، كما ورد في سفر التكوين، ها هي النسور تحوم إيذانًا باقتراب الخلق الجديد.
وهذه النسور ستطلق ثلاثة انواع من الويلات ستعصف بالانسان هذه المرة، لا بعناصر الطبيعة كما الابواق الاربعة الاولى. مع الويل الاول سيأتي البوق الخامس. ومع الويل الثاني سيحل البوق السادس، وهذا البوق يتضمن ثلاثة مشاهد.
وبعد هذا البوق ستكتمل الابواق بالبوق السابع، الذي سيفتتح سلسلة جديدة من الرؤى، هي رؤيا الايات السبع. فالى ماذا تشير هذه الابواق الثلاث المتبقية؟ مع البوق الخامس تطلق جحافر الجراد من بئر الهاوية من تحت الأرض. فهذا الجراد هو بمثابة صورة عن الانبياء الكذبة، من نيقولاويين وبلعاميين واتباع ايزابيل.
لذا نرى ان للجراد وجوه رجال وشعر نساء، فهم الانبياء الكذبة. وهؤلاء الانبياء الكذبة يسممون ايمان البشر، فهم يلدغون كالحيات، يؤلمون الانسان ويبلبلون افكاره، ويدخلونه في حالة اضطراب واكتئاب، فيتمنى عندئذٍ الموت ولا يحصل عليه. فهؤلا الانبياء مجيشون ومنظمون للقضاء على الكنيسة. وهم يقفزون من فوق سور الايمان كاللصوص، ولا يدخلون الحضيرة من الباب، بعكس الراعي الصالح الذي يدخل الحضيرة (الكنيسة) من بابها، ولا يقفز من السور كاللصوص.
اذا البوق الخامس يشير الى الموت الروحي الذي يسببه الانبياء الكذبة، الذين يأتون كالحملان (لهم تيجان من ذهب) ولكنهم بالفعل ذئاب خاطفة، وهم أتوا من بئر الهاوية، مكان سكنى ابليس ابوهم. ومع البوق السادس نرى جحافل الفرسان الاتين عبر البحار والانهار، وهم صورة مسبقة عن وحش البحر.
وهؤلاء الفرسان يرمزون لكل قوة زمنية عسكرية تضطهد شعب الرب. فهم ينفتون نار ودخان وكبريت كنا فعل الامبراطور دومتيانوس بحق الكنيسة.

فالنار الخارجة من فمه والتي تقتل، ما هي الا اوامره التي تهذف الى قتل المسيحيين. والدخان الخارج من فمة، هي تقدمة البخور التى أمر أن تقدم امام صورته في المعابد الوثنية، اعترافا به كرب واله.
واما الكبريت، فهي تلك الاوامر الشيطانية التي مصدرها ابليس، القابع في بحيرة النار والكبريت. ومع البوق السادس تبرز ثلاثة مشاهد.

في المشهد الاول نرى الملاك القادم من عند عرش الله والذي يحذر الجموع انه لا مهلة بعد اليوم للاشرار، لذا وجب عليهم الاسراع في التوبة قبل ان تاتي دينونة الرب.
وهذا الملاك يعطي يوحنا كتاب صغير مفتوح ليبتلعه. وهذا هو المشهد الثاني.

ورمزية هذا المشهد تشير الى سفر الرؤيا، فهو الكتاب الصغير، لأنه جزء من ارادة الله الكبرى، والتي يرمز لها بالكتاب الكبير. فكتاب الرؤيا الصغير مفتوح، وذلك لأن احداثه تتحقق في زمن يوحنا.

فبلع يوحنا الكتاب فكان في فمه ذو مذاق حلو، وأما في جوفه فكان ذو مرارة. ورمزية ذلك، ان الرب ارسل يوحنا ليبشر من خلال سفر الرؤيا.

فأتى هذا السفر، كأخر كتاب نبوي يدعو الشعب الى التوبة، قبل مجيء الدينونة.

فكلمة الرب حلوة المذاق، ولكن النبي الذي يبشر بها لا بد وأن يعاني الضيقة والمرارة .


لهذا بدأ يوحنا كلامه في بداية السفر قائلاً: انا يوحنا شريككم في المحنة والثبات والملكوت، كنت سجيناً في جزيرة بطمس من اجل كلمة الرب، وشهادة يسوع المسيح. فمن اراد ايصال كلمة الرب العذبة، فليتوقع ان يتعرض للضيقات.

ومع هذ الكتاب ينتهي المشهد الثاني من البوق السادس، ليأتي بعدها المشهد الثالث من البوق السادس. وهنا سيرى يوحنا المنارتان، اي الممسوحان بزيت الملك والنبوة والكهنوت.


وهذان الشاهدان هما اللذان ارسلهما الرب ليشهدا على قساوة قلب بعض الناس، الذين يرفضون التوبة حتى اخر لحظة من حياتهم.

ولانه في المحاكم اليهودية، لا تقبل الشهادة الا بشهادة اثنان او اكثر، فها هوذا الرب يحضر المتهمين امامه في محكمته في السماء، وها هو ذا يحضر الشهود، وذلك تمهيدًا لاطلاق حكم الدينونة عليهم مع البوق السابع.

والى هنا تنتهي هذه الَمحاضرة، على امل استكمال البوق السابع في المحاضرة القادمة.