مقابلة مع البطريرك بيتسابالا بشأن زيارة رئيس اسرائيل إلى دير “نجمة البحر” في حيفا


علق بطريرك أورشليم للاتين بيرباتيستا بيتسابالا على الزيارة التي قام بها رئيس إسرائيل إسحق هرزوك لدير حيفا، قائلا:
إنها زيارة تعكس العزم على التصدي للظاهرة المؤلمة، ظاهرة التعديات التي تستهدف المسيحيين.

في مرحلة صعبة تعيشها إسرائيل، مطبوعة بالتوترات الشديدة، والمعقدة أيضا بالنسبة للجماعات المسيحية، جاءت زيارة رئيس إسرائيل إسحق هرزوك وعقيلته إلى دير “نجمة البحر” في مدينة حيفا لتعبر عن عزم البلاد على التصدي للممارسات التي يتعرض لها المسيحيون حسبما ما قال البطريرك بيتسابالا في مقابلة مع موقع فاتيكان نيوز وإذاعة الفاتيكان، والذي كان حاضراً في هذا الدير خلال الزيارة، مع العلم أن المبنى الكائن في حيفا تعرض في الآونة الأخيرة إلى هجمات على يد يهود متشددين طالبوا باستحواذه، كما نفذوا اعتداءات على مواقع دينية مسيحية أخرى في البلاد، لاسيما في حيفا والقدس.

وكان في استقبال رئيس إسرائيل في دير “نجمة البحر” في حيفا، بالإضافة إلى البطريرك بيتسابالا بعض الرهبان الكرمليين، فضلا عن بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية في القدس ثيوفيلوس، وعدد من الأساقفة وقادة الكنائس المحلية، الذين عبروا عن سرورهم تجاه هذه المبادرة التي تدعم الدعوة إلى إرساء أسس السلام والتفاهم المتبادل والتعايش المشترك. ولفت البطريرك بيتسابالا إلى الظروف المعقدة التي تعيشها الجماعة المسيحية خصوصاً، داخل إسرائيل، في ظل التوترات الكبيرة الراهنة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وأضاف أن صوت الرئيس هيرزوك، فيما يتعلق بالتعديات ضد المسيحيين، كان صوتاً واضحاً للغاية، وحازماً، وربما كان الصوت الوحيد المؤثر ضمن البيئة السياسية الإسرائيلية، لكونه يحظى بتقدير الجميع.

وقد رافق رئيسَ إسرائيل في زيارته إلى الدير قائد الشرطة الإسرائيلية يعكوف شبطاي، ما يعكس – على حد قول البطريرك بيتسابالا – عزم السلطات الإسرائيلية على أخذ هذه المسألة على محمل الجد.
ورأى غبطته أن التعديات التي تعرض لها المسيحيون في إسرائيل في الآونة الأخيرة نتج عنها عنصر إيجابي، إذ ظهر وعي أكبر حيال مشكلة كانت موجودة في السابق، لكن تم التقليل من شأنها.
ومع ذلك يعتبر بيتسابالا أن تدخل الشرطة والأجهزة الأمنية وحده لن يكون كافياً لحل المشكلة إذ لا بد من معالجتها من جذورها، أي من خلال التربية على احترام الآخر، وهو مفهوم ليس رائجاً حالياً في الأرض المقدسة.

ولفت غبطته إلى وجود مقاربة للحياة تستثني الآخر، عوضاً عن اشتماله، وقال إنه يُنظر إلى الآخر على أنه مصدر تهديد، ويعتبر كل طرف أن القدس ملكاً له، ولا يمكن أن تكون للآخرين أيضا، ما يدل على أن حل المشاكل العالقة يحتاج إلى وقت طويل، مع أن التنبه لهذه المشكلة اليوم هو أمر إيجابي بحد ذاته. وأوضح أن المجتمع الإسرائيلي بشكل عام يمر بمرحلة صعبة اليوم، والأمر لا يقتصر على المسيحيين وحسب، لأن ما يتعرضون له يندرج في سياق ظاهرة العنف السائدة. وتابع يقول: المشكلة هي أن انعدام الثقة يولد العنف، لذا لا بد من العمل بجهد كبير، خصوصا على المستوى الديني بين المسيحيين والمسلمين واليهود، كي لا تستمر ثقافة إقصاء الآخر وتترسخ في وجدان الأشخاص.

الأمل في تخطي التوترات الراهنة، عبر عنه أيضا الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي استقبل البطريرك بيتسابالا في رام الله. وقد هنأ الرئيس عباس ضيفه على تعيينه كاردينالا، وعلى المواقف التي اتخذها حيال الأوضاع الراهنة. وختم بطريرك أورشليم للاتين حديثه قائلا:
إننا نعيش اليوم مرحلة لا يلقى فيها الساعون إلى السلام آذاناً صاغية، لكن لا بد من الاستمرار في البحث عن هؤلاء الأشخاص، لأنه سيأتي وقت نحتاج فيه إليهم.

في ختام زيارته إلى دير حيفا أدلى رئيس إسرائيل بتصريح شدد فيه على ضرورة احترام أتباع الديانات كافة، وقال:
إن هذا ما التزمت به إسرائيل منذ نشأتها، مشيرا إلى وصية أن يحب الشخص قريبه كحبه لنفسه.
تابع الرئيس هرزوك لافتا إلى أن البلاد شهدت في الآونة الأخيرة “ظواهر خطيرة” تعرضت لها الطوائف المسيحية في الأرض المقدسة وأضاف أن أخوتنا وأخواتنا، المواطنين المسيحيين، يُعتدى عليهم في أماكن الصلاة، والمدافن، والطرقات.
وقال إنها ظاهرة متطرفة غير مقبولة بأي شكل من الأشكال، وبالتالي لا بد من القضاء عليها من جذورها، معبرا عن امتنانه للشرطة وأجهزة إنفاد القانون على أخذها المسألة على محمل الجد.
وأضاف أن الجماعة المسيحية “الجميلة والمسالمة” والتي تعود إلى مئات السنين يجب ألا تشعر إطلاقاً بأنها مهددة، لافتا إلى أن رسالته إلى المسيحيين المقيمين في إسرائيل وإلى مسيحيي العالم كافة هي أن الجماعات المسيحية في الأرض المقدسة آمنة، محمية ومزدهرة.

وخلال الزيارة توجه البطريرك بيتسابالا إلى الضيف مشدداً على أهمية التعاون والعمل معاً من أجل إرساء أسس الحوار والتضامن والمحبة بين الجميع.
وقال غبطته للرئيس هرزوك: إننا نعيش في الأماكن نفسها، جنباً إلى جنب، وعلينا أن نعيش بسلام، وأن نبني معاً مستقبلنا وأن ندعم بعضنا بعضا.