كلمة عن التجديد للاب المرحوم كوب المخلصي في مقدمة كتاب هل الله بحاجة الى الكنيسة
كلمة عن التجديد للاب المرحوم كوب المخلصي في مقدمة كتاب هل الله بحاجة الى الكنيسة
أغسطس 18, 20235 دقائق
اخبار البطريركية
250 زيارة
كلمة عن التجديد للاب المرحوم كوب المخلصي في مقدمة كتاب
هل الله بحاجة الى الكنيسة
اتمنى ان يقرأ المتطرفون هذه المقدمة ذات روح النبوة وينفتحوا على الله ” بالروح والحق” لويس ساكو
اليوم نسمع كلاما كثيرا عن التجديد… ما معنى تجديد الكنيسة؟ ماذا عليها ان تعمل؟ لا توجد لدينا أجوبة جاهزة عن هذه الأسئلة. ولكن شيئا واحداً يتوضح، أكثر فأكثر، هو ان التجديد لا يمكنه ان يكون مجرد عمل ترميم. ولا يمكن ان يكون تكييفاً انتهازياً على العالم المعاصر. التجديد أمر يخص الجذور. هل نعرف ما معنى الإيمان؟ ما معنى الكنيسة؟ علينا ان نذهب لنستكشف من جديد ما نحن عليه، كوننا كنيسة الله في هذه الأرض. هل صحيح اننا لا نعود نؤمن؟ نحن نعيش في هذا العالم ونظراتنا بخصوص الله والكنيسة تطورت وتلونت. ما زلنا نؤمن… أخذنا نؤمن بطريقة أخرى فقط… هل هذا صحيح؟
بالطبع، أنا موافق على اننا لا نستطيع البقاء جامدين في تصوراتنا العتيقة. يجب ان نتطور، ويجب ان نترجم الصور القديمة لكي يُفهَم كلامنا في الزمن الحاضر. ولكني لا أظن ان القضية تكمن هنا. ليست القضية قضية صور فقط! يجب أن نعود لنكتشف مرة أخرى ما معنى الإيمان بالله… ان نعود إلى الينابيع! ذلك ان الأزمة التي نجد أنفسنا فيها ليست أزمة في الأنظمة والمؤسسات والترتيبات… ليس السؤال: هل نسمح للكهنة ان يتزوجوا؟ أو هل نرسم نساء قسيسات؟ أزمتنا أزمة إيمانية. فلقد ابتعدنا واغتربنا عن الهدف العميق في تقليدنا الايماني الكتابي. ماذا نعرف عن ابراهيم؟ عن موسى؟ عن الأجداد؟ هل يُقرا الكتاب المقدس في كنائسنا؟ الرسالة والانجيل، ولا شك. ولكن هل يمكن فهم يسوع والرسل بدون الرجوع إلى موسى والأنبياء؟ لا يحسن ان ننكر هذا النقص فينا، وفي كنائسنا! كيف نقدر ان نتوجه إلى المستقبل الجديد إذا لم نعرف شيئا عن ارض الميعاد؟ لا ارض ميعاد بدون برية، لا بدء جديدًا بدون منفى، لا قيامة بدون صليب. لا تجديد في الكنيسة بدون توبة عميقة.
كتاب الاب فرهارد لوفينك يتكلم عن هذا التجديد وهذه التوبة في الكنيسة. ولد المؤلف سنة 1934، وكان حتى عام 1986، أستاذا مختصًّا في شرح العهد الجديد في جامعة توبنغن. ترك كرسي أستاذيته، فانضم إلى جماعة من المؤمنين والكهنة مرشداً لاهوتياً كتابياً. في كتابه هذا، يظهر بوضوح ان السؤال عن الكنيسة يخص السؤال عن الله. ذلك ان الكنيسة ليست منظمة تحتاج إلى قليل من الترميم. الكنيسة تتأصل من رغبة الله، لا بل من خطة الله على العالم وعلى الناس. “هل الله بحاجة إلى الكنيسة”. لوفينك يحاول الجواب على هذا السؤال في كتابه. فالمقصود هو الله، ومقصده من خليقته وعالمه. أتمنى للقارئ المشرقي ان لا يتورط في قشور الألفاظ السياسية، فيضيع … بل عليه ان يتجاسر في مواجهة دعوة الله الابراهيمية في العمق فيأخذ مكانه في مشروع الله على العالم.
فيما يلي تقديم الاب بيوس عفتص للكتاب.
الاب المرحوم لوسيان كوب من رهبانية الفادي الاقدس، والبلجيكي الفلمنكي، والذي لم يكن بلجيكيا بقدر ما كان عراقيا! ولغته الفلمنكية لم تمنعه البتة من تبني العربية الفصحى التي كان يجيدها بشكل رفيع، في مفرداتها وتركيبة جملها وبلاغة نطقها بالرغم من عثرات اللسان التي يعالجها دوما بعبارة “يعني”! قامة رفيعةوحضور مميز في كنيسة العراق، رحل، ولكن بصماته باقية!
ابونا كوب كان بحق رائد الدراسات الكتابية في العراق وعلى مدى قرابة ستين عاما، ويعتبر اول من قرأ الكتاب المقدس بشكل مستنير، وفسَّره بشكل روحي عميق، وعلمي رصين، واول من علّم تلامذته على قراءته وتذوّقه ليعيشوه ويشهدوا له…فلقد كان بحق “مدرسة” خرّجت العديد من الاساقفة الكهنة المستنيرين والعلمانيين الملتزمين، فضلاَ عن رعيل من
وجه كبير توارى من كنيسة العراق، كان يعيش الكتاب المقدس ويتغذى منه ويبلّغه بشرى حياة وخلاص، بشرى فرح وسلام…كتاب قيل فيه لكاتب الرؤيا: “خذه فابتلعه يملأ جوفك مرارة، ولكنه سيكون في فمك حلوا كالعسل”! ولَكَم ذاق مرارة سوء الفهم، كي لا نقول مرارة الحكم الرخيص والتهم الباطلة…
يبقى الاب كوب حيا في ذاكرة الكثيرين الذين تتلمذوا على يده بصفته “رابي كوب” الذي لم يبخل قط في بذل كلمة الحياة لطالبيها والراغبين في تذوقها… ومع انه لم يترك لنا سوى عدد من الكتب والمقالات (ملازم) كان يؤلفها او يترجمها، ويطبعها بنفسه على الالة الطابعة، دون ان يهمل فاصلة او نقطة او احدى علامات النحو، وبمنتهى الدقة…
هذا الكتاب الذي نقله الاب كوب الى العربية عام 2001 ، وجد صعوبة ولا شك في ترجمته -ولَكَم استخدمه في محاضراته ومداخلاته، وشاءت الظروف ان يظهر في الذكرى الخامسةعلى وفاته!… دفعني الوفاء تجاه من كان رائد الدراسات الكتابية في العراق، وتخليدا لاسمه ولعمله الدؤوب في التفسير البيبلي الرصين، أن أنكب على هذه الترجمة، في محاولة لتوضيح الطروحات التي خرج بها المؤلف والتي كان الاب كوب يشاطره اياها ولا شك… ولَكَم لقيت انا الآخر صعوبة في ضبط لغتها، وعلى مدى اشهر طويلة، لتكون مقروءة ومفهومة بالاكثر، فتحمل النور الى قرائها القلائل!! آملأ ان أكون قد وُفقت في الامانة على فكر المؤلف والمعرب معا! وحسبي اني وفيت جزءًا صغيرًا من دَين المسيحيين العراقيين الكبير لذاك الوجه النبوي الاصيل، وقد كان بيننا ” كمن يعاين اللامنظور”، على مثال موسى، النبي بامتياز!
كتاب تزفه الى القراء دار بيبليا للترجمة والنشر ضمن سلسلة “ابحاث كتابية”! وهل من كتاب احق بها منه؟!
عنكاوا، في 19 تموز 2023 الاب بيوس عفاص