أصدر الأساقفة الباكستانيون بياناً طالبوا فيه السلطات باتخاذ إجراءات صارمة بحق المسؤولين عن الهجمات التي تعرض لها المسيحيون وكنائسهم، وبإحالتهم أمام القضاء، كما ناشدوا الأجهزة المعنية توفير الحماية للأقليات ووضع سياسات تساعد الأفراد على بناء مجتمع أفضل. يحصل هذا في وقت اجتمع فيه ممثلون عن جمعية الباكستانيين المسيحيين في إيطاليا إلى السفير جاويد علي مشددين على ضرورة ألا تسبب القوانين الباكستانية انقسامات في المجتمع إذ لا بد أن تعزز التعايش السلمي.
مجلس أساقفة باكستان اعتبر في البيان أن الهجمات التي تعرض لها المسيحيون خلال الأيام الماضية في جارانوالا هي الأسوأ من نوعها في تاريخ البلاد، وندد أصحاب السيادة بالاعتداءات وأعمال التخريب والتدنيس التي حصلت في كنائس المسيحيين وبيوتهم بدءاً من السادس عشر من آب أغسطس الجاري. وحثّ البيان الحكومة الفدرالية والسلطات الإقليمية على اتخاذ خطوات صارمة بحق المعتدين وتسليمهم للعدالة، كما طالب الجهات المعنية بتوفير الحماية للمسيحيين والأقليات كافة ووضع سياسات مجتمعية تساهم في بناء مستقبل أفضل. هذا ودعا الأساقفة الباكستانيون السلطات إلى إطلاق عملية لإعادة إعمار المباني المهدمة، لاسيما الكنائس، ورصد مساعدات مادية للضحايا، وأكدوا في الوقت نفسه أن الجماعة المسيحية في باكستان ستستمر في تقديم إسهامها لصالح السلام والازدهار والتقدم في البلاد.
للمناسبة أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع الكاهن الباكستاني غيلبرت شهزاد، المسؤول في جمعية الباكستانيين المسيحيين في إيطاليا الذي اعتبر أنه من الأهمية بمكان أن يُخلق في باكستان جو من التعايش يضع حداً للخوف الذي يعيش فيه المسيحيون، كما حصل في جارانوالا خلال الأيام الماضية. وكان الأب شهزاد ضمن وفد من الجمعية عقد لقاءً مع السفير الباكستاني في روما جاويد علي، وأوضح أنه خلال اللقاء طلب الوفد الزائر من حكومة إسلام أباد أن توفر حماية أكبر للأقليات وحثها على اتخاذ التدابير اللازمة كي لا تتكرر أحداث من هذا النوع في المستقبل. في أعقاب اللقاء أصدرت الجمعية المذكورة بياناً ضمت فيه صوتها إلى صوت الأساقفة الباكستانيين الكاثوليك داعية السلطات إلى العمل على إعادة إعمار الكنائس والبيوت المهدمة، فضلا عن تقديم الدعم اللازم كي تعود الحياة المجتمعية إلى طبيعتها وطالبت أيضا بالسهر على الأمن في الأحياء التي يقطنها المسيحيون على كامل التراب الباكستاني.
في حديثه لموقعنا الإلكتروني قال الكاهن الباكستاني إن الجمعية التي ينتمي إليها ناشدت الحكومة، من خلال سفيرها في روما، أن تعمل على تحديد المسؤولين عن تلك الانتهاكات وأن يُنزل بحقهم العقاب فوراً استناداً إلى القوانين المرعية الإجراء. كما طالبت بإدخال تعديلات على الدستور، بشكل يحول دون إحداث الانقسامات والانشقاقات داخل المجتمع، وتغذية الحقد وانعدام التسامح حيال المواطنين المنتمين إلى ديانات مختلفة. ودعت الجمعية أيضا السلطات الباكستانية إلى تعديل المنظومة القضائية كي يتم بناء السلام والتناغم بين الجماعات، وطالبت أيضا بإعادة بناء أو ترميم الكنائس والبيوت المهدمة والمتضررة، من أجل إعادة الكرامة لهؤلاء المؤمنين المسيحيين ومدهم بالأمل. ولم يخف الكاهن الباكستاني اعتقاده بأنه من الصعب أن تُلبى هذه المطالب كلها، لكنه رأى أنه يتعين على الحكومة الباكستانية أن تجعل من هذه المطالب هدفاً لها في المستقبل إذا ما شاءت أن تعزز التعايش المتناغم بين مختلف الديانات المتواجدة في البلاد.
تابع الأب شهزاد يقول إن السفير الباكستاني أكد من جانبه أن الإسلام كدين لا يسمح بارتكاب أعمال عنف من هذا النوع. وندد بالاعتداءات الإرهابية التي وقعت في السادس عشر من الجاري، معبراً عن أسفه حيال ما جرى. ولفت الدبلوماسي إلى أن حكومة إسلام أباد تسعى إلى تحديد المسؤولين عن هذه التجاوزات، مستخدمة التكنولوجيات الحديثة. وأضاف الكاهن الباكستاني أن الوفد أكد لمحاوره أنه إذا أردنا أن يحل السلام لا بد أن تُحقق العدالة، لأنه لا سلام بدون عدالة. وأشار – في ختام حديثه لموقعنا الإلكتروني – إلى الدعوات للكراهية والتحريض ضد المسيحيين التي تحصل في بعض المساجد، موضحا أن السفير جاويد علي يدرك مدى خطورة هذا الوضع معربا عن قناعته بضرورة بذل كل جهد ممكن كي يعيش أبناء البلاد معاً في أجواء من التناغم، وكي يُعزز الحوار الكفيل بتحقيق السلام، مؤكدا أنه سيوصل هذه المطالب كلها إلى الحكومة الباكستانية.