البابا يتلو صلاة التبشير الملائكي ويدعو إلى التساؤل: مَن هو يسوع بالنسبة لي؟


قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي اليوم الأحد تحدث البابا فرنسيس إلى المؤمنين والحجاج، وانطلاقا من قراءة اليوم من الإنجيل، عن فهمنا لشخصية يسوع، ودعا الجميع إلى التساؤل: مَن هو يسوع بالنسبة لي؟
تلا قداسة البابا فرنسيس اليوم الأحد ٢٧ آب أغسطس صلاة التبشير الملائكي. وتحدث قبلها إلى المؤمنين والحجاج في ساحة القديس بطرس منطلقا من إنجيل اليوم الذي يُحدِّثنا فيه القديس متى عن سؤال يسوع التلاميذ عما يقول الناس عن ابن الإنسان. وقال الأب الأقدس إن هذا سؤال يمكننا أن نطرحه نحن أيضا، ماذا يقول الناس عن يسوع؟ وواصل البابا إن الناس عادة ما يقولون أشياء جميلة حيث يرى كثيرون يسوع كمعلم كبير وشخص مميز، صالح وعادل وشجاع. ولكن هل يكفي هذا لفهم مَن هو يسوع؟ قال الأب الأقدس، وأضاف: وفي المقام الأول هل يكفي هذا يسوع؟ وأجاب قداسته بالنفي وقال إن يسوع إن كان فقط شخصية من الماضي، مثلما كانت بالنسبة للناس في تلك الفترة الشخصيات التي يحدثنا عنها الإنجيل مثل يوحنا المعمدان وموسى وإيليا والأنبياء الكبار، لكان مجرد ذكرى لطيفة من زمن مضى. هذا لا يكفي بالنسبة ليسوع، واصل البابا فرنسيس، وعاد إلى ما يرويه لنا الإنجيل حين سأل يسوع التلاميذ “ومَن أَنا في قَولِكم أَنتُم؟” وأضاف الأب الأقدس “مَن أنا بالنسبة لكم الآن؟”. وتابع أن يسوع لا يريد أن يكون بطل التاريخ بل بطل حاضرنا، لا نبيا بعيدا بل الإله القريب.

ليس يسوع ذكرى من الماضي بل هو إله الحاضر، قال البابا، وتابع أن يسوع إن كان مجرد شخصية تاريخية لكان من المستحيل محاكاته اليوم، حيث كنا سنجد أنفسنا أمام حاجز التاريخ وفي المقام الأول أمام نموذج يشبه جبلا مرتفعا لا يمكن بلوغه، جبلا نريد تسلقه لكننا لا نملك القدرة ولا الأدوات اللازمة لذلك. وواصل الأب الأقدس أن يسوع هو في المقابل حي ويرافقنا، هو بجانبنا يقدم لنا كلمته ونعمته اللتين تنيران وتعضدان في المسيرة، يسوع هو المرشد الخبير والحكيم الذي يسعده أن يرافقنا في المسارات الأكثر صعوبة.

شدد البابا فرنسيس في كلمته بالتالي على أننا لسنا بمفردنا على الطريق لأن المسيح معنا ويساعدنا على السير مثلما فعل مع بطرس ومع التلاميذ الآخرين. وذكَّر الأب الأقدس بأن إنجيل اليوم يخبرنا بأن بطرس قد فهم هذا وأدرك حسبما قال ليسوع أنه المسيح ابن الله الحي. ليس شخصية من الماضي إذاً بل المسيح المنتظَر في الحاضر، لا بطلا مات بل ابن الله الحي الذي صار بشرا وجاء ليتقاسم أفراح مسيرتنا ومشقاتها. دعا البابا فرنسيس بالتالي إلى عدم اليأس والإحباط إن بدت لنا في بعض الأحيان قمة الحياة المسيحية شديدة الارتفاع والطريق وعرا. فلننظر إلى يسوع الذي يسير جنبنا ويعانق ضعفنا، يشاركنا جهودنا ويحيط أكتافنا الضعيفة بذراعه القوية والحنونة، قال البابا فرنسيس، ثم أكد أن مع قرب يسوع منا نمد نحن أيضا أيادينا أحدنا إلى الآخر ونجدد الثقة، مع يسوع يمكن السير قدما حتى حين يبدو لنا ما يجب القيام به بمفردنا مستحيلا.

وفي ختام حديثه إلى المؤمنين والحجاج قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي أكد البابا فرنسيس أنه من المفيد لنا أن نكرر ذلك السؤال الحاسم الذي نطق به يسوع: “من أَنا في قَولِكم أَنتُم؟ أي بكلمات أخرى، قال قداسته، مَن هو يسوع بالنسبة لي؟ هل هو شخصية عظيمة، مرجع، نموذج لا يمكن بلوغه، أم هو ابن الله الذي يسير بجنبي والذي يمكنه أن يقودني حتى قمة القداسة حيثما لا يمكنني أن أصل بمفردي؟ هل يسوع حي بالفعل في حياتي، هل هو ربي؟ واصل البابا فرنسيس التساؤل، هل أتوكل عليه في اللحظات الصعبة؟ هل أُنَمي حضوره من خلال الكلمة والأسرار؟ هل أدعه يقودني مع أخوتي وأخواتي في الجماعة؟ ثم ختم الأب الأقدس متضرعا إلى مريم العذراء كي تساعدنا على أن نشعر بابنها حيا وحاضرا بالقرب منا.

هذا وعقب تلاوة صلاة التبشير الملائكي تحدث البابا فرنسيس عن الزيارة الرسولية التي سيقوم بها إلى منغوليا من ٣١ آب أغسطس حتى ٤ أيلول سبتمبر. وأعرب قداسته عن فرحه واعتزازه بزيارة هذا البلد والتعرف على شعبه النبيل الغني بالتقاليد الدينية. ودعا الأب الأقدس إلى مرافقة هذه الزيارة بالصلاة، كم وشدد على ضرورة عدم نسيان شعب أوكرانيا المتألم في صلواتنا. أكد البابا من جهة أخرى الصلاة من أجل ضحايا الحرائق في اليونان وقربه وتضامنه مع شعب هذا البلد.