المطران جوزيف جبارة يكتب:عيد الفصح في موعد واحد

﴿نيكيفورس غريغوراس (Nicéphore Grégoras)﴾
عيّد المسيحيّون عيد الفصح في موعد واحد منذ القرن الرابع وحتى أواخر القرن السادس عشر.

فقبل سنة 325، وبعد سنة 1582، وقعت فروقات زمنية في تحديد موعد الفصح. ولا نزال إلى الآن نعاني من هذه الفروقات بين الروزنامتين الشرقية والغربية، او بالاحرى اليوليانية والغريغورية. وغالبا ما تُتهم الكنيسة البيزنطية، كونها الكنيسة الكبرى التي تسير على الروزنامة اليوليانية القديمة، بأنها تقاوم التغيير وترفض إصلاح الروزنامة القديمة، على الرغم من اخطائها. فهل عرفت الكنيسة البيزنطية قديما أخطاء الروزنامة اليوليانية؟ وهل تنّبه علماءها إلى هذا الأمر وحاولوا اصلاحه؟ نيكيفورس غريغوراس هو احد الذين اكتشفوا تلك الاخطاء، وحاول عبثا اصلاحها، فمن هو يا ترى؟
مؤرّخ، وعالم فلك، ولاهوتيّ بيزنطيّ. ولد في هيرقليا، على البحر الأسود، حوالى سنة 1295. تيتّم باكرًا، فعُني خاله يوحنّا أسقف المدينة بتربيته وتعليمه. جاء إلى القسطنطينيّة وهو في العشرين من عمره، وتواصل مع أخص علماء عصره وتتلمذ عليهم. عرض بطلب من الإمبراطور، سنة 1324، أمام جمهور من العلماء، طريقته في أصلاح الروزنامة اليوليانيّة، وتحديد موعد عيد الفصح بشكل صحيح ودقيق، ولكن الظروف السياسيّة والدينيّة حالت دون السير بهذا الأصلاح المتقدّم. فكان ينبغي انتظار 250 سنة، إلى أن جاء البابا غريغوريوس الثالث عشر، الذي أمر بأصلاح الروزنامة اليوليانيّة، وسارت الكنيسة ومعظم دول العالم في ركاب الاصلاح الغريغوري. بعد عودته من زيارة إلى بلاد الصرب، انصرف إلى تدريس الفلسفة والخطابة في دير المخلص، المعروف باسم خورا. كما شارك بقوة في الصراع اللاهوتيّ الدائر بين التيار “الإيزيخي” (الهدوئي) وخصومه، وعارض بقوة طروحات التيار بما يخص الجوهر والقوى الإلهية. حُكم عليه في مجمع القسطنطينية سنة 1351، وارغم على الاقامة في دير خورا، حيث تفرّغ للتأليف إلى أن توفيّ حوالى سنة 1360. تناول في مؤلفاته مختلف المجالات اللاهوتية والخطابية والفلسفية والتاريخة والشعرية، وعلوم الموسيقى والرياضيات، والفلك. نذكر على الخصوص كتابه الضخم: تاريخ الروم المؤلف من 37 جزءًا، والذي يغطي الحقبة الممتدة من سنة 1204 حتى سنة 1359،كما وصلت منه 161 رسالة بعث بها إلى شخصيات مهمة في زمانه.