كتب الأب نبيل حداد
في كلّ مرة نتأمل “نحن المخلّصين” في صليب يسوع المسيح نستذكر آلامه وموته وقيامته، فيحمل لنا مشهد الجلجلة إحساساً نستمدّه من حبّ طاهرٍ في وجه أمنا العذراء وهي تنظر ابنها من بعيد حاملاً صليبه وعلى هامته اكليل من شوك مصلوباً، وكذا من محبة يسوع، الذي عُلّق على خشبة، لأمه ولكلّ البشرية بمن فيهم مضطهدوه، التي هي محبة تنبع من كيانه الكلي.
صليب مسيحنا “الذي نكرز به مصلوباً” يثير فينا مشاعرَ عميقة، ومشهد الفرح بالصليب نراه في براءة تلتمع في عيون أطفالنا وهم يرسمون بعفوية إشارة الصليب عند الدخول الى الكنيسة أوعندما يجلسون حول مائدة الطعام – وأحيانًا قد يرسمونها باليد الخطأ! لقد فهموا ببراءتهم تعاليم الآباء والأجداد بأن رسم إشارة الصليب هو سلوك مقدس خاص بالمسيحيين يقرّبنا من الصليب ويمنح احساسا بفرح الانتصار. ونلتفت إلى كبارنا الشيوخ فنرى صوراً لحدث الخلاص في وقوفهم الخاشع ذاك امام الصليب وايقونات كنائسنا وفي بيوتهم، يرسمون اشارة الصليب الذي هو سلاح السلام وشعار الانتصار. وكأني بهم في حركتهم وهدوئهم وقوة إيمانهم هذه يقيمون للصليب عيداً يملأنا إحساساً بفرح ارتفاع الصليب.
هكذا يجسد مؤمنونا ارتباطاً بالصليب وفهما لمعناه، تحكيه على اسماعنا وفي القلوب، كلمات ترانيم الكنيسة في صلاة غروب عيد رفع الصليب : “الصليب فخر المؤمنين وقوة المجاهدين وزينة الرسل، وشجاعة الأبرار، وخلاص جميع القديسين.. “
في عيد الصليب نفرح كما الخليقةُ كلّها فرحت وابتهجت عند رؤيته مرفوعاً. والمؤمنون على مرّ العصور اشتركوا في فرح الانتصار وفي المحبّة التي نتعلمها من عود الصليب وصاحب الصليب.
ان مشاركتَنا نحن المسيحيين في فرح انتصار الصليب لا تتوقف عند احتفالات وزياحاتٍ او بحبّات الرمان -على جمالها – لكن وهو الأهم بِعيشٍ حقيقي لامتياز المشاركة في تمجيد الصليب الكريم، عندما نسمح لمحبة المسيح التي رأينا تجليّاتها في موضع الجلجلة، أن تَسكن معنا وفينا. ونتذكّر اننا كلّما رسمنا إشارة الصّليب نقيم له عيدا فينا ونرفعه مكرّما لا على وجوهنا فحسب بل في صدورنا والقلوب، ونستحق هذا الإنعام بأن نشترك في فرح انتصار الصليب الذي منحنا حبّا ولا اعظم “أن يبذل الإنسان نفسه عن احبّائه” عندما “نحن نحبّه لأنه أحبّنا أولاً” (1يوحنا 4: 19)
عيد صليب مبارك