المطران باسيليوس يكتب: تأثير الخوف في حياتنا الروحيّة


الإخوة والأبناء الأحباء،
لا يوجد إنسان على وجه الأرض، ولم يوجد، ولن يوجد إلا ويعتريه نوع من أنواع الخوف.
خوف المحبّين على أحبّائهم في ساعات الخطر والحروب، وضمن هذا الخوف يأتي خوف الوالدين على أبنائهم، والإخوة على إخوتهم. وقد يصل الخوف الى حد الهوس.
وكما أن الخوف من الواحد لأجل الآخر أيضًا، هناك الخوف على الخائف من الآخر مثلاً أن لا يفقده، ألا يفقد الآخر بعضًا من ميّزاته أو ممتلكاته فتتأثر حياة الخائف.
وليس الخوف قوة معنويّة سيِّئة بحد ذاتها، لأنها في أغلب الأحيان تؤدي للحيطة والحذر، وتجنب الأمور الضارة المهلكة للجسد وللنفس.
والخوف أداة حسنة إذا استعملت حسنًا، وصالحة في كثير من الأحيان لأنها تؤدي لتربية الأولاد، وتلقينهم معرفة ما يجب تجنبه، وما يمكنه استخدامه.
ولولا خوف الناس على خلاصهم في كثير من الأحيان الذي يتصاعد الى علاقة محبّة لكانت الخطيئة عامّة وشاملة. وهكذا نرى أن البشريّة إذ تطرح خوف الله من حياتها نرى كيف تنحدر حياة البشر في مهاوي الفساد.
وفي الحياة الروحيّة يلعب الخوف دوراً كبيراً في تصعيد العلاقة مع الله، أو التخاذل والتراجع في العلاقة معه، وأداء الواجبات تجاهه. مثلاً الإنسان المتراخي في عبادته، الكسول في اداء واجباته نراه يتردد في العبادة، ويبقى ملتصقًا بحياته الجسديّة لا يستطيع أن يقاوم رغائب جسده، وكلما ازداد غيرة في تلبية رغبات جسده كلما استعبده جسده، ولا يعود يتجرأ على جسده الذي صار بالنسبة له سيداً قاسيًا. وبالحقيقة الجسد سيّدٌ قاسٍ إذا لم نعرف تربيته. وقبل أن يتملكنا الخوف من وثباته علينا أن نتميّز بالشجاعة في مواجهته. والآباء يقولون المثل التالي في الخوف من أداء الأمور الروحيّة لعدم طواعية الجسد، فيشبهونه بحمار أو حصان أطعمناه كثيراً، ولم نروّضه لرغباتنا واحتياجاتنا فيصعب قياده.
ثمَّ يتعمق خوفنا على جسدنا حتى نصل لدرجة أننا نشعر بالخوف إذا كان علينا أن نذهب في أيام البرد الى الكنيسة لحضور القداس الإلهي. أو التواجد في الإجتماعات الروحيّة في وقت نريد أن نعمل قيلولة بالرغم من أننا لسنا بحاجتها. فيصل الخوف فينا الى شعور كياني في خلايا الجسد، ونفضّل أن نسمع لهذا الخوف على أن نقاومه.
رجاؤنا الى الله أن يرفع عنا كل خوف من أي نوع كان، وأن يعطينا أن نعلن الحق، ونعمل به بلا خجل، ولا وجل، ولا تردد تجاه أنفسنا أولاً، وأمام الآخرين أيضًا.
متروبوليت عكار وتوابعها
باسيليوس