يخرج الإنسان على هذه الحياة طفل يصرخ في عالم مجهول الملامح. لا يطلب شيئا إلا البقاء مستمد ذلك بغذاء يلبي نهم جوعه الفطري.
ينمو ويكبر ويعارك على أبواب معتراكات الحياة. وبين أمل وخيبة وإيمان وشك. وحروب وصراعات وسلم واستقرار. يكون المرء القناعات ويرسخ الأيديولوجيات.
في الإيمان المسيحي دروب الحياة موجها صوب صاحب السلطان والكلمة الفصل في كل معترك وباب. إنه يسوع المسيح كلمة الله المتجسد. اسلمه زمان القيادة في هذه الحياة الدنيا عابرين معه إلى المنتهى. فيكون هو مضاد للكئابة متى حلت وكلمته تشفي جروحي. هي بلسم الداء تخفف على كاهلي. كي أستطيع أن استشفي نفسي. هو وحده بشخصه يسوع القادر على حسم أوجاع العبث لأجل الم مقدس مثمر يقود إلى بر الامان.
أعجبتني مداخلة سينودسية تتحدث عن الاكتئاب الرعوي وتاليا مقتطف منها للفائدة.
لحظة صعبة في رسالة يسوع، التي يمكننا أن نسمّيها ”الاكتآب الرّعوي“: يوحنّا المعمدان يشك في أن يكون هو حقًّا المسيح، ومدنٌ كثيرة مَرَّ بها ولم تؤمن، على الرّغم من المعجزات التي أجراها فيها، واتّهمه بعض النّاس بأنّه أكولٌ شِرِّيبٌ لِلخَمْر، بينما اشتَكَوْا قبل وقت قصير من يوحنّا المعمدان لأنّه كان متشدِّدًا في زهده (راجع متّى 11، 2-24). مع ذلك، نرى أنّ يسوع لم يدع الحزن يجرفه، بل رفع عينيه نحو السّماء وبارك الآب لأنّه كشف للبسطاء أسرار ملكوت الله: “أَحمَدُكَ يا أَبَتِ، رَبَّ السَّمَواتِ والأَرض، على أَنَّكَ أَخفَيتَ هٰذه الأَشياءَ على الحُكَماءِ والأَذكِياء، وكَشفتَها لِلصِّغار” (متّى 11، 25). في لحظة الاكتآب إذًا، يسوع قادر على أن يرى ما هو أبعد: إنّه يحَمَد حكمة الآب ويستطيع أن يرى الخير الخفِيَّ الذي ينمو، وبذرة الكلمة التي يستقبلها البسطاء، ونور ملكوت الله الذي يشقّ طريقه في الليل أيضًا.