اجتمع المؤمنين مساء الثلاثاء من عدة رعايا للصلاة لأجل السلام. وذلك في كنيسة العذراء الناصرية للاتين في عمان. صلوات تقوية. وابتهالات مريمية من أدعية لأجل السلام. وتلاوة السبحة الوردية.
وفي كلمة للمطران جمال خضر النائب البطريركي للاتين في الأردن بهذه المناسبة قال فيها:
أيها الاخوة والابناء الأحباء،
نجتمع اليوم لنرفع الصلوات من اجل السلام في غزة. نرفع اصواتنا الى الله، فاذا كان العالم لا يسمع صراخ المتألمين ولا يرى آلام أبناء غزة، فإننا نرفع هذه الصلوات الى الله الذي يسمع صراخهم ولا يهمل آلامهم. وكما قال الله لموسى على الجبل: “إِنّي قد رَأَيتُ مذَلَّةَ شَعْبي، وسَمِعتُ صُراخَه بسَبَبِ مُسَخِّريه، وعَلِمتُ بآلاَمِه، فنزَلتُ لأُنقِذَه”. فالله هو الذي يسمع ويرى ويعلم، وله نتوجه اليوم.
صلاتنا هي تجديد لإيماننا ان الله قد خلق كل البشر متساويين، خلقهم على صورته كمثاله، مانحا إياهم الحياة والكرامة، ولا يحق لاي انسان أن ينزع هذه الحياة وهذه الكرامة من الانسان. لا يحق لاحد ان يمنع سبل العيش عن أناس أبرياء، فيقطع الغذاء والمياه والكهرباء والوقود والاتصالات. لا يحق لايٍ كان ان يميز بين البشر، ويعامل أكثر من مليوني انسان معاملة لا إنسانية. بوقوفنا اليوم، وبصلاتنا، ندافع عن إنسانية الانسان، عن حق كل انسان في العيش والعيش الكريم. وما يحدث في قطاع غزة، هزيمة للقيم الإنسانية والدينية، ولا يجوز تبريره باي شكل من الاشكال، كما لا يجوز تبرير أي اعتداء على الأبرياء، وتمييز بين انسان وانسان.
ومع قيادتنا في الأردن نقول: لنقل لا للحرب ولنقل لا للقتل، لنتحد لأجل السلام والعدالة، ولنقف مع الحياة ومع العدالة ومع السلام، ضد هذه الحرب في غزة، والكارثة الإنسانية التي تتسبب بها.
وكما قال جلالة الملك عبدلله بن الحسين: ان السبيل الوحيد لمستقبل آمن لشعوب الشرق الأوسط والعالم أجمع، يبدأ بالإيمان بأن حياة كل إنسان متساوية في القيمة.
هذا ما ندافع عنه، ونضم اصواتنا الى أصوات الكثير من الأصوات المحبة للسلام. فالله الخالق هو اب لجميع الخلق، هو الذي منحنا الحياة، وهو الذي يريد لأبنائه ان يعيشوا بسلام واخوة. ويسوع المسيح الذي جاء لتكون لنا الحياة وتفيض فينا. ومع شعورنا بالألم لما يحدث في غزة، لن نستسلم لا للكراهية ولا للعنف ولا لليأس، فالله هو سلامنا، وهو رجاؤنا، واليه نلتجئ في شدتنا.
وصلاتنا اليوم تتوجه لامنا مريم العذراء، طالبين منها السلام: ومع قداسة البابا فرنسيس، الذي صلى يوم الجمعة الماضية هذه الصلاة نقول:
يا مريم، أنظري إلينا! نحن هنا أمامك. أنتِ أُمٌّ، وتعرفين أتعابنا وجراحنا. أنتِ، ملكة السّلام، تتألّمين معنا ومن أجلنا، عندما تَرَيْنَ أبناءك الكثيرين المُبتَلَيْن بالصّراعات، والمتألّمين بسبب الحروب التي تمزِّق العالم. هذه ساعة مظلمة، يا أمي. وفي هذه السّاعة المظلمة، إنّنا نمثل أمام عينيك المضيئَتَين، ونوكل أنفسنا إلى قلبك الذي يعرف ويشعر بمشاكلنا.
والآن أيضًا خذِي المبادرة، يا أُمَّنا، في هذه الأوقات التي تمزّقها الصّراعات وتدمّرها الأسلحة. وجّهِي نظركِ الرّحيم إلى الأسرة البشريّة، التي ضلَّت طريق السّلام، وفضّلَتْ قايِن على هابيل، وفقدت الإحساس بالأخوّة. تشفَّعِي بعالمنا المهدّد بالخطر والدّمار. علّمينا أن نستقبل الحياة ونعتني بها وأن نرفض جنون الحرب التي تزرع الموت وتمحو المستقبل.
لذلك، يا أُمَّ االله وأُمَّنا، إنّا نأتي إليك، ونلتجئ إلى قلبك الطّاهر. إنّا نطلب الرّحمة يا أمَّ الرّحمة، ونطلب السّلام يا ملكة السّلام! حرّكي نفوس الذين وقعوا في شرك الكراهية، وبدّلي قلوب الذين يغذُّون ويُثيرون الصّراعات. امسحي دموع الأطفال، وساعدي الوحيدين وكبار بالسّن، وكوني سندًا للجرحى والمرضى، واحمي الذين اضطُرّوا إلى أن يتركوا أرضهم وأحبّاءهم الأعزّاء، وعزّي المُحبَطين، وأيقظي الرّجاء.
يا أمي، افتحي آفاق نور في ليل الصّراعات. أَلهِمِي قادة الأمم ليجدوا طرق السّلام. أنتِ، يا سيّدة الشّعوب كلّها، صالحي أبناءَكِ، الذين سيطر عليهم الشّرّ، وأعمَتهم السّلطة والكراهية. أنتِ، التي تشفقين على الجميع، علّمينا أن نهتمّ بالآخرين. أنتِ، التي تُظهرين لنا حنان الله، اجعلينا شهودًا لتعزيتهِ. أنتِ، يا ملكة السّلام، اسكبي في قلوبنا سلامًا مثل سلام الله. آمين.