ترأس غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو قداس الأحد الأول من موسم تقديس الكنيسة في كابيلا المعهد الكهنوتي بعنكاوا مساء الأحد 5 تشرين الثاني 2023. عاونه الأب أفرام كليانا مدير المعهد الكهنوتي وحضره تلاميذ المعهد الكهنوتي وعدد من المصلّين.
قال غبطة البطريرك في موعظته:
اود ان أقدم لكم بعض الأفكار عن الكنيسة على ضوء سينودس الأساقفة والجماعة الكنسية حول السينودالية في روما الذي اشتركت فيه.
الكنيسة ليست هيئّة مُبهمة، ولا هي منظّمة خيرية، الكنيسة عائلة الله، الجميع فيها أخوات وإخوة، من خلال علاقة إيمانيّة حيّة مع شخص المسيح الذي منحهم “نِعمَةً فوق نِعمَة” (يوحنا 1/ 16).
لكي نشعر اننا في بيتنا عندما نكون في الكنيسة، قرر البابا فرنسيس عقد السينودس من أجل السينودالية” أي السير معاً في الصلاة، والاصغاء الى إلهامات الروح القدس، والسعي لتجديد الكنيسة، وإيجاد لغة جديدة مفهومة لتتلاءم رسالتها مع كلمة الله وواقع وثقافة اليوم، والبحث عن أشكال وأدوار ومسؤوليات جديدة فيها.
بالرغم من تنوّع الجغرافيا واللغة والجنس ووجهات النظر، يتعيّن العمل بجد من أجل أن يشعر الجميع بأنهم بنات وأبناء الكنيسة وليسوا غرباء عنها. وانهم مرتبطون ببعضهم البعض بالمعمودية – الإيمان – والاُخوّة والصداقة والاحترام والثقة.
لقد عشنا شهراً كاملاً في الفاتيكان، كنا 350 مشاركاً متنوعاً من رجال الدين والمؤمنين من كلا الجنسين توزَّعنا الى حلقات صغيرة لتبادل الخبرات والآراء. كنا عائلة واحدة إخوة وأخوات بالرغم من تنوّع المسؤوليات، وشاركنا همومنا وآمالنا وسِرنا معاً. إخوة شاملة في التنوع والتناغم.
ندرك جيداً ان الاكليروس لا يقدر أن يبني الكنيسة وحده، بما في ذلك من تمييز العلاقة مع التاريخ والكتاب المقدس واللاهوت والقوانين والممارسات ومتطلبات الحالة الراهنة. لذا علينا أن ننظر الى الكنيسة كبيت يستقبل الجميع. الواحد يسير مع الآخر بثقة واحترام واهتمام. والواحد يصلّي من أجل الآخر ويُصغي اليه. يقول يسوع: “لا أدعوكم عبيداً، بل سميّتُكم أحِبَّائي” (يوحنا 15/ 15). كلّنا جزء من الكنيسة التي عليها ان تستجيب للتغيرات بطريقة واضحة وعملية، مستثمرة المواهب لبنائها، مع القناعة بان كلّ المسؤوليات هي خدمة، بالمحبة والتواضع. وان لكلّ واحد دوره، من دون حواجز، دون التصنيف الى طبقات.
على بنات وأبناء الكنيسة مهما كانت مرتبتهم ان يبحثوا عن الحق في المسيح ويبنوا حياتهم على حياته، ويبشّروا به، وان يبقوا اُمناء تجاه الكنيسة ويشهدوا للإنجيل بحياتهم. هذه الكنيسة الحيّة، ذات الصوت النبوي الصادق، هي كنيسة المسيح التي يحرّكها الروح القدس والتي نجد صورتها في كنيسة القرون الثلاثة الأولى. أي قبل أن يعلنها الملك قسطنطين كنيسة الدولة، إذ كانت تُخيّم عليها الصداقة والاحترام والثقة بين أعضائها. للأسف تحوَّلت مع الزمن الى مؤسسة ثقيلة. كان يسوع ومن بعده الرسل يزورون الناس في بيوتهم ويصغون إليهم ويساعدون من هم بحاجة.. ويشهدون بالتالي لمحبة الله الآب ورحمته وغفرانه.
على الكنيسة أن تكون أمينة ومتماسكة. وأن تهتم الكنيسة أيضاً بالمهمَّشين والمهمَلين والفقراء والمرضى، بما فيهم غير المعمَّدين، وغير الممارسين، ومن واجب الكنيسة اليوم أن تدافع عن كل هؤلاء، خصوصاً في هذه الظروف الصعبة التي نعيشها في العراق والمنطقة، اذ غدونا مكونا صغيراً يعيش في قلق كبير.
في مثل هذه الظروف الاستثنائية تُحتّم علينا إيجاد وسيلة للوحدة، خصوصاً بين الكنائس الرسولية.
أختم كلامي بتعريف العمل الراعوي على أنه فن تربويّ وروحيّ وإنسانيّ جميل، مصدره قلب الاُسقف والكاهن.