في مقابلته مع وكالة الأنباء الكنسية “آسيا نيوز” قال حارس الأرض المقدسة الأب فرنشيسكو باتون إن مشاعر الريبة الآخذة بالتنامي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، تنعكس في الحياة اليومية، معربًا عن خشيته من موجة جديدة من النزوح قد تشهدها الجماعات المسيحية في الأرض المقدسة بعد انتهاء الصراع.
وطلب من الجماعة الدولية أن تعترف بمعاناة الطرفين على حد سواء، في حرب يكون فيها الجميع خاسرين.
استهل الأب باتون حديثه متوقفًا عند الهدنة التي تم التوصل إليها بين طرفي النزاع بوساطة قطرية ومصرية، وقد استمرت لسبعة أيام قبل أن تُخرق يوم الجمعة الفائت. واعتبر أنه على الرغم من استئناف القتال أظهرت الهدنة أن المفاوضات، التي تتم غالباً وراء الكواليس، يمكن أن تحقق نتيجة، متمنيا أن تستمر المحادثات من أجل التوصل إلى الإفراج عن جميع الرهائن، وبلوغ نتائج إيجابية تقود إلى وقف دائم لإطلاق النار.
ردًا على سؤال بشأن الظروف التي يعيشها المسيحيون في الأرض المقدسة، قال باتون إن المسيحيين يمرون بأوقات عصيبة جدًا، خصوصًا في مدينة بيت لحم والضفة الغربية عمومًا فهم عاجزون عن العمل، كما أن أهالي بيت لحم يعانون من غياب السياح والحجاج، ما أدى إلى انقطاع مصدر رزقهم. ولفت بعدها إلى صعوبة التعايش في إسرائيل، مؤكدًا أن الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر ولد مشاعر الريبة داخل المجتمع الإسرائيلي، بين العرب واليهود، وهذا الأمر ينعكس سلبًا على المكون المسيحي الذي يواجه خطر النزوح. وقال: أخشى أنه بعد نهاية الحرب ستكون هناك موجة جديدة من النزوح المسيحي.
ثم شدد حارس الأرض المقدسة على أن الكنيسة تواصل العمل لصالح التعايش السلمي والقبول المتبادل. ولفت على سبيل المثال إلى أن المدارس التابعة لحراسة الأرض المقدسة تضم تلاميذًا مسيحيين ومسلمين، وفي مدرسة الموسيقى يعمل عدد من الأساتذة اليهود الذين يدرسون التلاميذ الفلسطينيين، من مسيحيين ومسلمين. وقال إن هذه البيئة المدرسية تشكل مختبرًا للتعايش السلمي. وبعد السابع من أكتوبر برزت بعض الصعوبات بيد أن الأساتذة والطلاب تمكنوا من إيجاد نوع من التناغم والقبول المتبادل ما سمح بقيام علاقة بين الطرفين لا تقتصر على عملية التعليم وحسب.
وأكد أن الكنيسة في الأرض المقدسة تتبنى نهج البابا فرنسيس وهي تريد أن تكون على “نفس القرب” من الجميع، عوضًا عن الوقوف على “نفس المسافة”. واعتبر أنه لا بد من الشعور بمعاناة هذا الطرف وذاك، والإقرار بكرامة الجانبين المتألمين. وهذا ما ينبغي أن يفعله الطرفان في المستقبل، أي أن يعترفا بمعاناتهما، وقد تحدثت عن هذا الموضوع الناطقة بلسان الرهائن في مقابلة مع صحفية أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانية عندما قالت: علينا أن نفهم معاناة الفلسطينيين، وعلى الفلسطينيين أن يفهموا معاناة اليهود، وإلا استمر الخوف من الآخر، واستمرت المعاناة التي تولد الكراهية والرغبة في الانتقام وتصبح سرطانًا ينخر من الداخل الشخص والمجتمع كله.
في ختام حديثه شدّد الأب باتون على ضرورة ألا تقوم الجماعة الدولية بدور المشجع، كما يحصل في ملاعب كرة القدم، لأن ما يجري في المنطقة هو صراع يسفر عن سقوط القتلى، إنها مأساة. ولا بد أن تسعى جميع الدول إلى فهم معاناة هذا الطرف وذاك. لأن لا أحد سينتصر في نهاية المطاف، فهناك العديد من القتلى وفي حال انتهت الحرب اليوم فإننا جميعًا في عداد الخاسرين. ولفت إلى أنّ الجماعة الدوليّة مدعوّة إلى اتخاذ الخطوات الملموسة والكفيلة في إخراج الأزمة من النفق المسدود.