تتجسّد شخصية يوسف في الكتاب المقدس بعهدَيه القديم والجديد بشخصية يوسُف الحُسُن ابن يعقوب، وشخصية يوسف البتول خطيب مريم العذراء ……..كِلا الشخصيتَين مغمورتَين بالطيب والنقاء والعفاف.
يُحدّثنا الكتاب المقدس أن يوسُف بن يعقوب رغم غَيرة إخوته وظلمهم، أراد الله أن يصطفيه ليكونَ مرورًا وطريقًا لتحسُّن وضع والده وأخوته لا بل الشعب العبراني بأكمله …… يُخبرنا الكتاب المقدس كم وكم عانى يوسُف من المشقات والعذابات، بل أكثر من ذلك من الظلم، حتى رفعه الله بين المصريين وكان سببًا لخلاص الشعب العبراني …….
ويحدّثنا الكتاب المقدس عن يوسُف البتول خطيب مريم العذراء وما تميّز به من صفاتٍ حميدة وقبولٍ بكل تواضع وطيبة خاطر وعانى ما عاناه من المشقات من أجل الطفل رب المجد يسوع المسيح. بتحليلٍ شخصيّ بين النصين المتميزين في النصوص البيبلية، خُيِّل إليّ وكأني أعيش عمق الشخصيتَين بكامل تفاصيلهما: أفراحهما وأحزانهما وأتعابهما …….
فاستلخصت فكرَتَين مهمّتَين أولهما: لدى قراءتي المتواضعة للكتاب المقدس بعهدَيه ومع خبرتي أيضًا المتواضعة مع الله …… استوقفتني فكرة الظلم …… بمسيرة كبيرة مع اليُوسُفَين هناك تعرّضٌ للظلم لهما قبل القيام بعملهما العظيم. يوسف الحُسن تعرّض للظلم مرَّتين في حياته الأولى عندما ظُلِمَ من قبل إخوته حين ساورتهم الغَيرة ووضعوه في البئر ليتخلصوا منه، فباركه الله حين وضعه بين يدي الحاكم فوطيفار. وظُلِمَ في المرة الثانية عندما راودته زوجة الحاكم فوطيفار فأبى، فاتهمته بمباغتتها وحُكِمَ عليه بالسجن لسنين عديدة. وأيضًا باركه الله وجعل منه عظيمًا عند فرعون وكان سبب خلاصٍ لأبيه وإخوته لا بل للشعب العبراني بأكمله الذي كان يُعاني من الجفاف وقلة الغذاء لا بل للشعب المصري أيضًا.
وفي المقلب الآخر عندما عرف يوسف البتول مشيئة الله المخلّصة وحَبَل مريم العذراء من الروح القدس وتقبّله بكل رحابة صدر أمر الله. عند حدوث هذا العمل العظيم أيضًا رافقه ظلم هيرودس وأمره بقتل أطفال بيت لحم من سنتين ودون. فما آل بيوسف ومريم إلا أن يرحلوا إلى مصر آخذين الطفل خوفًا من بطش هيرودس. ولا أسميه كما يسميه البعض هروبًا بل رحيلاً، حتى يُنهي إله الأكوان فترة الحاكم الظالم. وهو مشهد تالي لمشهد يوسُف الحُسن عند بيعه في مصر ومشهد تالي آخر لعودة الشعب العبراني إلى أرض الميعاد وعودة الرب يسوع إليها لبدء البشارة.
نستلخص يا أحباء من كلا الشخصيتَين كل معاني تقبُّل الظلم بكل صدر رحب، دونما تململ أو استهتار والقدرة على العطاء والتقديم والتضحية والبذل.