مرت قبل أيام الذكرى الـ ٩٣ للبث الأول لإذاعة الفاتيكان، حيث وجه البابا بيوس الحادي عشر في ١٢ شباط فبراير ١٩٣١ كلمة بحضور مخترع الراديو غوليلمو ماركوني والمدير الأول لإذاعة الفاتيكان الأب اليسوعي جوزيبي جانفرنشيسكي.
في ١٢شباط فبراير ١٩٣١ تأسست إذاعة الفاتيكان، صوت البابا، وفي ١٣ من الشهر ذاته يُحتفل باليوم العالمي للإذاعة الذي أعلنته الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، يونسكو، سنة ٢٠١١ لتعتمده الجمعية العامة للأمم المتحدة العام التالي ٢٠١٢. وتشكل المناسبتان فرصة للتأمل في صفحات غنية في حياة هذه الوسيلة، الإذاعة، التي شهدت تطورا تكنولوجيا كبيرا إلا أنها حافظت دائما على رسالتها، أي بلوغ كل أطراف الأرض وجميع شعوبها.
“استمعي أيتها الجزر، واصغي أيتها الشعوب البعيدة”، هذه هي الكلمات الأولى التي نطق بها البابا بيوس الحادي عشر في ١٢ فبراير ١٩٣١ لتنتقل عبر الأثير في أول بث لإذاعة الفاتيكان. وكان مَن أعلن هذا الحدث التاريخي مخترع الراديو غوليلمو ماركوني حيث قال إن حبر روما، ولحوالي عشرين قرنا، يُسمع صوت تعليمه في العالم، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يمكن فيها استقبال صوته في اللحظة ذاتها على سطح الأرض بكامله.
وللتأمل في هذا الحدث فلنتخيل كيف وصل البابا بيوس الحادي عشر في الرابعة والربع من بعد ظهر ذلك اليوم، ثلاثة وتسعين عاما مضت، إلى المكان الذي خصص في الفاتيكان لتدشين الإذاعة، وقد كان في استقباله وإلى جانب العالِم الكبير ماركوني الأب اليسوعي جوزيبي جانفرنشيسكي أول مدير لإذاعة الفاتيكان، ليتوجه الحبر الأعظم إلى القاعة التي تم تجهيزها بالمعدات الصوتية ليوجه كلمته لتنتشر من هذا المكان إلى الفضاء، إلى التاريخ.
ولنَعد إلى يوم آخر في تاريخ وسيلة الاتصالات هذه، ١٣ شباط فبراير ١٩٤٦، ففي ذاك اليوم تم بث أول نشرة إخبارية من إذاعة منظمة الأمم المتحدة. وللتذكير بهذا الحدث أعلنت اليونسكو ١٣ شباط فبراير اليوم العالمي للإذاعة.
وتجدر الإشارة إلى أن موضوع اليوم العالمي هذه السنة هو “الإذاعة، مئة عام من الإعلام والترفيه والتثقيف”. وفي تقديمها لهذا اليوم للعام ٢٠٢٤ أرادت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، يونسكو، تسليط الضوء على محور احتفال هذا العام، حيث كتبت في رسالة لهذه المناسبة نشرها الموقع الإلكتروني للمنظمة أنه يتم التركيز على الجوانب التالية:
البصمة التاريخية للإذاعة في مجالات الأنباء والدراما والموسيقى والرياضة وغيرها، والنفوذ القوي الذي تمارسه عليها.
قيمة الإذاعة كمنفعة دائمة، بوصفها أداة مأمونة، ومجانية إلى حد ما، ومتنقلة، يستخدمها الناس في حالات الطوارئ وعند انقطاع التيار الكهربائي في إثر وقوع كوارث طبيعية وكوارث من صنع الإنسان، مثل العواصف والزلازل والفيضانات والارتفاع الشديد لدرجات الحرارة وحرائق الغابات والحوادث والحروب.
قيمة الإذاعة كأداة ديمقراطية مستدامة، إذ تعمل بمثابة جهة محلية تحفز الفئات المحرومة داخل المجتمع على إقامة الصلات فيما بينها، ولا سيما المهاجرون وأهل الدين والأقليات والفقراء، وتعطي مؤشرات فورية عن الرأي العام الذي يُدلى به في الأماكن العامة تحت شعار حرية التعبير.