نصلي في صلاة الأبانا ونقول لا تدخلنا في التجارب لكن نجنا من الشرير.لنعلم يقينا انها من الشرير تأتي تلك الظروف والاحداث التي تحاول اسقاطنا في الحضيض.
الله خير كامل لا نقوص يطاله ولا شر في مايشاء لنا.هذه قاعدة لاهوتيه جلية للعيان لا لبس فيها .
وكي نكون على علم بأن التجارب لابد من أن تأتي ولكن الويل لمن لا يعبر ويبقى في الأرض ساقطا.
ولنا في البرية اختبارات الأولين في العهد القديم من العابرين مع موسى رغم اخفاقهم مرارا وتكرارا خير مثال إلى أن يحل مليء الزمان ويعبر بنا من برية الأرض إلى جنان السماء رب المجد الابن الوحيد يسوع المسيح.
توضح الكاتبة الاخت لبنى الحاج وتقول .تجاربُ الرّبّ يسوعَ في البريّة بعد معموديّته، تذكّرنا بتجارب إسرائيل القديم في البريّة بعد أن عبر البحر الأحمر. كما أنّ الأربعين يومًا مرتبطةٌ هي الأُخرى بالأربعين سنةً التي قضاها إسرائيل في البريّة حيث سقط، في حين أنّ يسوع غلب. فهدف الرّواية هو التّشديد على أنّ يسوع هو ابن الله الحقيقيّ، هو إسرائيل الحقيقيّ، الّذي انتصر في البريّة على التّجارب التي فشل أمامها إسرائيل القديم كأمّةٍ/كشعب، أثناء مسيره في البرّيّة.
التّجربة الأولى
بعدما تقدّم صوتُ الآب ليسوعَ بالشّهادة مسمّيًا إيّاه ابنًا محبوبًا، أراد إبليس أن يتحدّى يسوع ليبرهن عن بنوّته عبر المعجزات، فيستعمل عطايا الله من أجل منفعته الشّخصيّة، ويسدّ جوعه بتحويل الحجارة إلى خبز. التّجربة هذه هدفها إسقاط يسوع في خطيئة عدم الاتّكال على الله، الخطيئة الّتي سقط فيها إسرائيل القديم الّذي تذمّر على الله مرارًا وتكرارًا من أجل الحصول على الطّعام في البرّيّة.
وقد ردّ المسيح على إبليس بآية من الكتاب المقدس: “لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ” (تثنية 8: 3) معلنًا أنّ حياةَ الإنسان هي بكلمة الله وعنايته، كما يعلّم الكتاب. ففي البرّيّة، نطاق الموت، أطعم الله شعبه المنَّ فأحياهم ليدركوا أن لا حياة لهم إلّا بكلمته. هذه الكلمة التي يذكرها النبيّ إشعياء في النّشيد الثّالث من أناشيد عبد الربّ المتألّم حيث يقول هذا الأخير: “أعطاني السَّيِّدُ الرَّبُّ لِسَانَ الْمُتَعَلِّمِينَ لأَعْرِفَ أَنْ أُغِيثَ الْمُعْيِيَ بِكَلِمَةٍ. يُوقِظُ كُلَّ صَبَاحٍ. يُوقِظُ لِي أُذُنًا، لأَسْمَعَ كَالْمُتَعَلِّمِينَ. السَّيِّدُ الرَّبُّ فَتَحَ لِي أُذُنًا وَأَنَا لَمْ أُعَانِدْ”(إشعيا ٥٠: ٤-٥). فبالربّ يسوع تتحقّق نبوءة إشعياء عن العبد المتألّم الّذي يُسرُّ الله به، كما أعلن صوت الآب. فهو الّذي ينطق دائمًا بكلمة الله.
وباستناده على كلمة الله لمقاومة إبليس، أعطانا الربّ يسوع مثالًا لنتبع خطاه. فهو لم يستعمل قوّةً لا نملكها، فقد أعطانا القدرة أن نقاوم التّجربة بإظهار كذب الشّيطان من خلال تسليط نور كلمة الله عليه. فإذا كنّا لا نعلم كلمة الله، فنحن ضعاف جدًّا أمام التّجربة، وهذا ما يبيّنه المزمور ١١٩: ١١: “خَبَأْتُ كَلاَمَكَ فِي قَلْبِي لِكَيْ لا أُخْطِئَ إِلَيْكَ.” وأيضًا ما يوصينا به الرّسول بولس عن ضرورة لبس سلاح الله الكامل لنستطيع مواجهة مكائد إبليس، ومن ضمن هذا السّلاح سيف الرّوح الّذي هو كلمة الله: “يا إخوة، تَقوَّوا في الربّ وفي عزَّةِ قدرتِه. إلبَسُوا سلاحَ اللهِ الكامل لتستطيعوا أن تَقفوا ضِدَّ مكايدِ إبليس. فإنّ مصارَعَتَنا ليست ضِدَّ دمٍ ولحمٍ بل ضدّ الرئاساتِ، ضدَّ السلاطين، ضدَّ ولاة العالم، عالمِ ظُلمةِ هذا الدّهر، ضدَّ أجنادِ الشرِّ الروحيَّةِ في السماويَّات. فلذلك احمِلوا سلاحَ الله الكاملَ لتستطيعوا المقاومة في اليوم الشّرير، حتّى، إذا تمّمتُم كلّ شيء، تثبُتوا. فاثُبتوا إذنْ ممنطقينَ أحقاءكم بالحقّ ولابسين درعَ البرّ، وأنعِلوا أقدامَكم باستعدادِ إنجيل السلام، واحمِلوا علاوة على كلّ ذلك، تُرسَ الإيمان الذي به تقدرون على أن تُطفِئوا جميعَ سهام الشرّير الملتهبة، واتّخذوا خُوذة الخلاص وسيف الرّوحِ الذي هو كلمة الله” (أفسس ٦: ١٠- ١٧).
التّجربة الثّانية
عندما رفض يسوع أن يستعمل قدرته لمصلحته الذّاتيّة مشيرًا إلى أنّ ابن الله/ إسرائيل الحقيقي يأخذ حياته وطعامه من الثّقة المطلقة بكلمة الله وطاعتها، انطلق الشّيطان من هذه الثّقة داعيًا يسوع أن يضع نفسه كليًّا بين يدَي الله برميه نفسه من سطح الهيكل: وهكذا جرّب يسوع بدعوته إياه إلى أن يجرّب الله، أن يجبره أن يقوم بعمل يفوق الطّبيعة. أجاب يسوع بتشديد على أنّ الثّقة البنويّة هي ثقة مطيعة. هي تنتظر تدبير الله ولا تجبره على القيام بشيء. البنوّة الحقيقيّة لا تجبر الله أن يخضع لمشيئتنا.
وفي التّفصيل أنّ إبليس أخذ يسوع إلى أعلى مكان في الهيكل وهو جناحه، ليلقي بنفسه من فوق، فتأتي الملائكة وتحمله، لأنّه مكتوب “لأَنَّهُ يُوصِي مَلاَئِكَتَهُ بِكَ. عَلَى الأَيْدِي يَحْمِلُونَكَ لِئَلاَّ تَصْدِمَ بِحَجَرٍ رِجْلَكَ.” (متّى٤: ٦). وهكذا ينزل في السّاحة الكبيرة محمولًا على أيديهم، فيبهر الجموع المحتشدة، فيبرهن أنّه ابن الله.
وبما أنّ يسوع استند في جوابه الأوّل على الكتاب المقدّس، حاول إبليس أن يستند أيضًا على ما هو مكتوب، فاستشهد بآيةٍ من المزامير، غير أنّه، من أجل تشويه معناها، أغفل قصدًا جزءًا منها، ألا وهو: “فيحفظوك في جميع طرقك”. فصحيحٌ أنّ الله يعد أن يحفظ أولاده بملائكته (مز 91: 11-12)، غير أنّه لم يعد أبدًا بإرسال ملائكته لحماية الإنسان إن رمى نفسه في الخطر، ملقيًا إيّاها بكامل إرادته في التّجربة. لكنّ يسوع يعلم كيف استخدم الشيطان هذه الآية بطريقة ملتوية، كما يفعل الكثيرون اليوم إذ يحرّفون معاني الآيات، فأجاب: “مكتوب إيضًا لا تجرّب الربّ إلهك”، أي أنّه لا يسعنا أن نجرّب الله ونجبره على مساعدتنا ليبرهن عن حبّه وعنايته بنا. فبالنسبة إلينا، هو برهن ذلك على الصّليب: “وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا” (رو ٥: ٨).
خلاصة قولي في هذا السياق متى تعرضنا للتجارب أن نقوم وننتصر بكلمة الرب على افتراء إبليس وخبثه وأن لا نسمح له بأن يستخدمنا لمجده الباطل.
يا رب لا ت.خلنا في التجارب.