بدأت كنيستنا مسيرتها نحو عيد القيامة المجيدة التي تستمر لعشرة اسابيع يستعد فيها المؤمنون للفصح المجيد، بثلاثة أسابيع تسبق الصيام المبارك وسبعة اسابيع من الصوم. وهذا الزمن هو زمن التريوذي الذي يبدأ يوم أحد الفريسي والعشار وينتهي مساء السبت العظيم المقدس. وتعلمنا في الاسابيع الثلاثة من هذا الزمن العديد من الدروس. فمن العشار درس التواضع لأن صومنا الذي نحن مقدمون عليه لا يكون مرضيا لله ان لم يكن بانسحاق القلب والاعتراف بالخطايا وكذلك بأعمال البرّ التي قد نقوم بها، لا لإعجاب الناس بل ارضاء لله تعالى. وتعلّمنا من الابن الشاطر واجب التوبة والندامة على خطايانا وكذلك رحمة الله تعالى غير المتناهية. ويوم أحد مرفع اللحم جاء ذكر الدينونة العامة لنتعلم أعمال الرحمة نحو القريب التي ينبغي أن نمارسها ونعيشها. وفي أحد مرفع الجبن المعروف بأحد الغفران، استمعنا الى كلمات المعلم الإلهي يوجهنا الى المسامحة وعيش سلوكيّات الصوم المسيحي.
الصوم عندنا هو مناسبة فيها يتم تقويم الفضائل كلها. انه بدء طريق الله المقدس. ولأننا لم نصم فقد نفينا من الفردوس الأرضي. ولكي نرجع الى الفردوس السماوي علينا ان نصوم.
الصوم عبادة تردّ الخسائر التي سبّبها عدم صوم أبينا ادم. الصوم هو موسم العودة الى الله والمصالحة معه.
الصوم في المسيحية ليس حرمانا من أطعمة انما هو زهد اختياري وابتعاد عنها، وليست الغاية منه اذلال الجسد بل إنعاش الروح. وهو ليس تقييدا للحواس ولا سجنا لها، بل هو انطلاق بها نحو التأمل في الله. وهو ليس كبتا لشهوة الطعام بل هو تخلٍ اراديٌّ عن هذه الشهوة للارتفاع بها نحو حبّ الله، بسرور وانشراح في القلب وليس بالقهر والضّيق. كما أنه ليس حملا ثقيلا نلقيه عن كاهلنا يوم العيد. فنجاح صومنا يكمن في استمرار ثماره يوم العيد وبعد العيد، لأنه ليس من باب أنه فرضٌ علينا بل لأن الصوم احتياج ومنهاجٌ لازم لا غنى لنا عنه قط
الصوم طقس عام لجماعة الكنيسة مثلما هو اختبار ومسيرة فردية روحية تملأها التوبة وتتخللها الصلاة والصدقات بأعمال البرّ. صيام مبارك