وضعت القوانين في المملكة الأردنية الهاشمية لتتناسب وتطورات المجتمع الأردني وإحتياجاته، و عِلم المشرع ودرايته الكافية بحاجات المجتمع في كل شؤون حياته جعل من القانون أكثر مرونة يتناسب و الأمور الحياتية للمجتمع وجاء ليحل جميع الروابط الاجتماعية للفرد، فجاء المشرع بتقسيمه للقانون الى عام وخاص ، وشُرع القانون المدني والذي ورد به عدة مواد قانونية لتنظيم حياة الأفراد وأحوالهم الأسرية في المجتمع وأحوال شخصية عديدة, لكنها جاءت بصورة عامة، ولضرورة وجود قانون يحكم الأحوال الشخصية للفرد في كل أسرة ينتمي اليها كعضو فيها وينظمها من خلال المعتقد والمفهوم الديني وايضا المفهوم الاجتماعي فقد كان لزاما ً تشريع قوانين احوال شخصية شرعية، ولقد حصرت صلاحيات الفصل في نزاعات الأحوال الشخصية الخاصة بالزواج والطلاق والميراث وغيره من الامور في المحاكم الدينية وفقا لما نصت عليه المادة (99) من الدستورالأردني على أن المحاكم ثلاثة أنواع : أ- المحاكم النظامية . ب- المحاكم الدينية . ج- المحاكم الخاصة .
جاء في القرآن الكريم في سورة المائدة الاية (47) “وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ” ومن هنا إنطلق المُشرع ليفصل بين المسلمين والمسيحيين وجعل لكليهما أحكام تحكم أمورهم الحياتية واحوالهم بما يتناسب كل وطائفته ومعتقداته الدينية ومفهومه الإجتماعي، جاءت قوانين الطوائف المسيحية لتحكم أفراد طائفتها وهذه القوانين هي قوانين قديمة بعضها وضعت منذ مئات السنين و جاءت وقتها لتنظم حياة الأفراد في تلك السنوات والتي إختلفت ظروفهم و أحوالهم ومفهومهم الإجتماعي عن وقتنا هذا، ورغم ذلك فهي مازالت حتى الآن تحكم أفراد الطوائف المسيحية وهنا جاء قرار غبطة بطريرك المدينة المقدسة وسائر أعمال فلسطين والأردن بتشكيل لجنة لتحديث هذه القوانين وبالفعل تم تحديث قانون العائلة البيزنطي ليصبح قانون العائلة المسيحية لطائفة الروم الأرثوذكس وبدء سريان أحكامه إعتباراً من (1/3/2024) مواكباً بذلك تطورات ومستجدات الحياة حيث يتكون القانون بالمجمل من أربعه أجزاء: الأحوال الشخصية، التبني وأحكامه، قانون الوصايا والمواريث واخيراً التركات والتخارج والوقف، وأحسن المُشرع الكنسي باستحداث العديد من التعديلات الجوهرية باحكام الإرث والوصايا والتبني والهدنه والحضانة وإنشاء بيت العائلة المسيحي وتسريع إجراءات التقاضي خاصة لقضايا النفقة والمشاهدات والحضانة ، وحظر زواج من هم أقل من (18) عاماً ورفع سن الحضانة حتى (18) عام للمرأة، عدم حصول المرأة العاملة على نفقة حال عملها إلا إذا كان دخلها متدنياً، أما فيما يتعلق بإحكام قانون الإرث المسيحي والتبني فما زال بحاجة إلى إقرار من الجهات الرسمية الأردنية، وأبرز ما جاء في قانون الإرث المساواة في الأنصبة الإرثية بين الذكور والإناث وأحكام الوصية التي تجوز للوارث ولغير الوارث بما لا يزيد عن الثلث إضافة إلى قرار حق المرأة في حجب الإرث في حال عدم وجود ذكور في العائلة، كما شمل القانون على حق الأحفاد في الإرث من الجدة في حال وفاة الوالدين، كما اعطى الحق للمحكمة بالحكم بالتعويض على من يتسبب بفسخ الزواج من تلقاء نفسها أو بطلب من الخصوم ومن خلال تقرير الخبرة.
وأخيراً لا ننسى جهود رئيس مجلس رؤساء الكنائس في الأردن سيادة المطران خريستوفوروس في إدارة الملف داخل المجلس الذي نتج عنه إقرار نظام رسوم المحاكم الموحد للطوائف المسيحية وإقرار قانون أصول التقاضي وإجراءاته أمام المحاكم الكنسية الأرثوذكسية .