“لأَنْ لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلًا وَشُرْبًا، بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ.”
(رو 14: 17).
ان تمتنع عن المأكل والمشرب من منتصف الليل إلى وقت الظهيرة فأنت تصوم
أو أن أنت منعت نفسك من تناول منتجات الحيوانات فأنت تمارس القطاعة وهي السائدة لدى المسيحيين الشراقيين عموما.
هذا هو الحد الأدنى اذ ان الامتناع عن الطعام هو رمز فقط، صورة عن الفقر والعفة والطاعة معا وليس فيهم انفصال.
الا أن الصوم الحقيقي يتجاوز هذا بكثير اذ هو صوم اللسان عن النميمة والكلام البطال و الأذن عن سماع كل ما لايليق.
وان تصوم كلك بكل حواسك وكيانك عن السير في طريق الاشرار.
النفس والكيان الإنساني الكلي في الصوم كما يراه المطران جورج خضر هو السؤال المصيري أين أنت من النفس واين هي من كيانك؟ وكيف تسير الى الله الكامن فيك ثم اذا أدركته تكون وراءه واذا وصلت اليه يأخذك معه أو يأخذك فيه.
وهذا لا يتمّ الا بالفرح اذ يقول في الكتاب: “فاذا صمت فادهن رأسك واغسل وجهك لئلا تظهر للناس صائما بل لأبيك الذي في الخفية. وأبوك الذي يرى في الخفية يجازيك علانيّة”.
انت ابن اذا جعت اليه وفي المصطلح المسيحي اذا أكلت جسد ابن الله أي اذا اتحدت بذاته فصعدت اليه أو نزل اليك اذ بينك وبين السماء سلّم يصعد وينزل عليها ابن البشر وانت تلتحق به اذا صقلت نفسك .
خلاصة قولي ان الصوم عن الطعام وسيلة وليس غاية لان الغاية هي التوبة والعودة إلى حضن الأب السماوي وانا مازلت حيا ارزق على الأرض قبل عودة الروح إلى باريها .
التوبة هي محاولة استدراك للنعمة وعودة المياه إلى مجاريها الصحيحة لان الله خلق الإنسان على أحسن صورة من مثال خالقه وعلى صورته وان الخطيئة دخيلة على جنس البشر وقابلة للزوال بالاسرار المقدسة اي بالاتحاد بالمسيح وبالفضائل الإلهية نتخلص منها اخيرا صوما مقبولا ومباركا.