ترأس صاحب السيادة المطران فينذكتوس الوكيل البطريركي للروم الارثوذكس في بيت لحم خدمة وداع المدائح وقد نشرت صفحة كنيسة المهد للروم الارثوذكس على صفحة موقع التوصل الاجتماعي فيسبوك شرحا والياسمين لهذه الخدمة تاليا نصه:
الأبناء المحبوبون بالرب يسوع الفادي؛
نودُّ أن نُعطيكم شرحاً وافياً عن تفسير وتاريخ وأسباب دخول “خدمة المديح الذي لا يجلس فيه”في طقس كنيستنا الأرثوذكسية المقدسة :
تعريف بالمديح:
هي خدمة تقريظ لوالدة الإله، مرتبطة بعيد البشارة الذي يقع في الصوم الكبير المقدس. أما في ممارستنا الحالية نقيم جزءاً منها مساء كل جمعة من اسابيع الصوم الأربعة الاْولى، ثم نعيدها كاملة في الأُسبوع الخامس، وهي، في الأساس، عبارة عن نوعين من التسابيح هما “القنداق ” و”القانون ” نتلوهما ضمن خدمة صلاة النوم الصغرى.
مضمون المديح:
اما من حيث المضمون، فيُقسم قنداق المديح الى قسمين: تاريخي ولاهوتي. يشمل القسم التاريخي الآبيات الـ 12 الأولى، وفيه سرد لآحداث البشارة، والميلاد، والدخول الى الهيكل كما وردت في الإصحاحين الأولين من إنجيلي متى ولوقا. أما القسم اللآهوتي فيشمل الآبيات الـ 12 الأخيرة، وفيه إعلان لعقيدة التجسد، وتأمل في دور والدة الاله.
مؤلف المديح: وفقاً لمعظم الآراء فإن مؤلف قنداق المديح على الأغلب هو القديس رومانس المرنم ، الحمصيِّ الأصل (عاش في القرن السادس)، وقد كان رائداً في كتابة هذا النوع من الشعر.
مديح السيدة العذراء في الكنيسة:
بعد أن وُضع نشيد المديح، تبنّته خصوصاً كنيسة القسطنطينية كإبتهالاً جماعياً ترفعه إلى والدة الإله بعدما أنقذت “الجنديُة المحامية” “مدينتَها” مراتٍ عدّة “من صنوف الشدائد”. اشتَهر إذاً المديح بإشتهار إنتصار القسطنطينية، وقد عُمِّمَت خبرة كنيسة القسطنطينية على الكنائس شرقاً وغرباً (تُرجم المديح إلى اللاتينية حوإلى العام 800). ثم دخل المديح حيّز العبادة الجماعية الثابتة (تقيمه الرعايا في أُمسيات أيام الجمعة الخمسة الأولى من الصوم الكبير، ويتلو الرهبان أبياته في الأديار يومياً ضمن صلاة النوم الصغرى)، والظرفيّة (يقام في الكنائس او البيوت ظرفياً أثناء ضيقٍ أو خطرٍ أو شدّة او وباء او حربٍ او حزنٍ او اضطهاد).
توالى إنشاد المديح إلى أن حلّت الصدمة: سقطت “المدينة” أي القسطنطينية ليل الثلاثاء 29 أيار 1453. وزال مجد القسطنطينية، والمفارقة كانت أن نشيد المدينة لم يبطل. فما هي الأسباب التي جعلت الأرثوذكسيين يتلون حتى يومنا ابتهالاً فشل في إنقاذ “مدينتهم”؟
لقد أدركَتِ الارثوذكسية أن أولئك الذين وقفوا في كنيسة “الحكمة المقدسة (آيا صوفيا) ” في القسطنطينية، في تلك الليلة الأخيرة، أدّى بهم تمسّكهم بالمديح إلى أن “يجعلوا قلوبهم فوق”، و”يحسبوا انهم في السماء واقفون” قبل أن يخطفهم الإستشهاد اليها. كما أدركَتْ جماعة المؤمنين على مر العصور وحتى بعد سقوط القسطنطينية أن “ليس لنا هنا مدينة باقيةٌ، بل نطلب الآتية (عبرانيين 13: 14)”. وأيقنَتْ أن السيدة العذراء ستبقى حتى اليوم الأخير “جندية محامية” عن “مدينتها”، وأن مدينتها هي كل مدينةٍ، أو بالأحرى هي عاصمةُ المُدُن، هي “القلب كلّه”؛ وفهمَتْ أن “مصارعتنا ليست ضد دمٍ ولحمٍ، بل ضد… ظلمة هذا الدهر، ضد أجناد الشرّ الروحية” (أفسس 6 :12)، وأن “جميع الشرور” التي تهدّد الناس “تخرج من الداخل من قلوب الناس” (مرقس 7: 21-23).
صوم مُبارك وجهاد روحي مُقدس.