البابا فرنسيس: في عالم تقسّمه الأنانيّة تقاسموا عطية الاختلاف
“انظروا إلى يسوع المصلوب وانظروا إلى عيون الفقراء وجراحهم، وسترون أن الإجابات ستشق طريقها ببطء إلى قلوبكم بوضوح أكبر” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته إلى المشاركين في المجمعين العامين لرهبانية أبناء المحبة ورهبانية إخوة القديس غابرييل
استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الاثنين في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في المجمعين العامين لرهبانية أبناء المحبة ورهبانية إخوة القديس غابرييل وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال يسعدني أن ألتقي بكم بمناسبة مجمعكم العام، حدث سينودسي أساسيّ لكل جماعة رهبانية، إنها وقفة نعمة يجب أن تُعاش أولاً في الطاعة لعمل الروح القدس، والذكرى الممتنّة للماضي مع الاهتمام بالحاضر – في الإصغاء المتبادل وقراءة علامات الأزمنة – والتطلع إلى المستقبل بقلب منفتح وواثق، من أجل تحقق وتجديد شخصي وجماعي.
تابع البابا فرنسيس يقول يا أبناء المحبّة الأعزاء، من الجميل جدًا أن أراكم هنا، رجالًا ملتزمين باتباع المسيح عن كثب على خطى امرأة، “Maddalena di Canossa” التي نحتفل بمائتين وخمسين عامًا على ولادتها. هذه القديسة الشجاعة، في عالم لا يقل صعوبة عن عالمنا، اقترحت “أن تجعل معروفًا ومحبوبًا يسوع، غير المحبوب لأنه غير معروف”. وأنتم، الذين تريدون مواصلة عملها الإرسالي، اخترتم هذه العبارة كموضوع لأعمالكم: “من لا يحترق لا يُشعِل”. لذلك أنتم تلتزمون بأن تحترقوا لكي تُشعِلوا، وتُحيوا وتغذّوا “عطيّة الله التي فيكم” لكي “تشهدوا للرب”. وأنتم تقومون بذلك في عائلة اغتنت، على مدى قرنين من التاريخ، بالعديد من المواهب، وهي موجودة في سبعة بلدان وتتكون من أعضاء من عشر جنسيات مختلفة، تعضدها الشركة والتعاون مع راهبات القديسة “Maddalena di Canossa” ومع واقع علماني نشيط وملتزم. بالطبع، إنه إرث يحمل معه أيضًا تحديات، لكن القديسة “Maddalena di Canossa” أظهرت لكم كيفية التغلب على الصعوبات: بأعين موجهة نحو المصلوب وأذرع مفتوحة نحو الأخيرين، والصغار، والفقراء والمرضى، لكي تعتنوا بالإخوة وتعلّموهم وتخدموهم بفرح وبساطة. عندما تصبح المسيرة صعبة، افعلوا كما فعَلَت: انظروا إلى يسوع المصلوب وانظروا إلى عيون الفقراء وجراحهم، وسترون أن الإجابات ستشق طريقها ببطء إلى قلوبكم بوضوح أكبر.
أضاف الأب الأقدس يقول كما علمنا أيضًا القديس لويس ماريا غرينيون دي مونتفورت والأب غابرييل ديشايز، الذي ندين لعمله بتأسيس إخوة القديس غابرييل. أنتم أيضًا، أيها الإخوة الأعزاء، تلتزمون في هذه الأيام بتمييز إرادة الله في مسيرتكم، فيما تقترب ذكرى سنوية مهمة: ثلاثمائة وخمسون عامًا على ولادة القديس لويس ماريا غرينيون دي مونتفورت. إن عائلتكم، التي ولدت من مجموعة صغيرة من المعاونين العلمانيين للواعظ العظيم، يبلغ عددها اليوم أكثر من ألف راهب، يلتزمون في المساعدة الرعوية، والتعزيز البشري والاجتماعي والتربية – ولاسيما لصالح المكفوفين والصم – في أربعة وثلاثين دولة مختلفة. ولكي تحافظوا على حضوركم النبوي حيًا، اخترتم أن تتأمّلوا حول موضوع “الإصغاء والعمل بشجاعة”. إنهما موقفان – الإصغاء والشجاعة – يتطلبان التواضع والإيمان، ويعكسان جيدًا روح وعمل القديس لويس ماريا غرينيون دي مونتفورت والأب غابرييل ديشايز، اللذين تركا لكم أيضًا ثلاثية ثمينة كبوصلة لقراراتكم: “الله فقط”، “الصليب” – المنحوت في القلب – و”مريم”. لكم أنتم أيضًا، منحت العناية الإلهية غنى العالمية المتنوعة، وهي ستفيد كثيرًا نموكم ورسالتكم، إذا عرفتم كيف تعيشونها من خلال قبول الاختلافات ومشاركتها بشكل بناء فيما بينكم ومع الجميع. إنها رسالة مهمة، لاسيما في عالمنا الذي غالبًا ما ينقسم بين الأنانية والخصوصية: الاختلافات هي عطايا علينا أن نتقاسمها، والاختلافات هي عطايا ثمينة! كونوا أنبياء لهذا بحياتكم.
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أيها الأصدقاء الأعزاء، المجمع العام هو “حدث عائلي، ولكنه أيضًا حدث كنسي وحدث خلاصي”. أشكركم على ما تقومون به، وعلى العمل الذي تقومون به كل يوم في العديد من الأماكن والظروف المختلفة. أبارككم وأوكلكم إلى العذراء مريم. وأطلب منكم من فضلكم ألا تنسوا أن تصلّوا من أجلي.