الكبرياء الروحي بداية السقوط بقلم القس سامر عازر

أخطرَ ما قد يتعرض له الإنسان المؤمن هو مرضُ الكبرياء الروحي لأنه بداية السقوط، الأمر الذي يقوده لإحتقار الآخرين الذين يعتبرهم أقل منه مرتبة، فلا يعود يعتبرهم ولا حتى يراهم من طرف عينه. ومثل هذا الكبرياء الروحي يغلقُ قلب الإنسان، فلا يعود يرى أبعد من القشور ومجرد التمسك بالفرائض والطقوس والشعائر الدينية، ظانا أنه يتمم واجباته بأمانة وإخلاص.

طبعا، مجرد أن يصل الإنسان لهذه المرحلة تكون بداية سقوطه، فإلتزامَنا بممارسةِ الكثير من الفرائض والشعائر يجبُ أنْ يعمِّقَ فينا تواضُعنا، أولا وقبل كل شيء أمام الله سبحانه تعالى، فلا يوجد شيء نقدر أن نفتخر به أمام الله، فما نقوم به من خدمات جليلة وأعمالٍ خير تجاه الآخرين يجبُ أن ينبع من أعماق القلب وأن يكون مردّه إلى القلب لا للتعالي أمام الله وللتكبّر على الآخرين. فإيماننا يجب أن يكون مدعاةٌ لنا للتواضع مَهْمَا عَلا شأنُنا ومهما تبوّأنا من مناصب متعددة، فَمِثلُ هذه الإيمان هو ما يريده المسيح منّا بأن يقودَنا إلى مزيد من التواضع والإتضاع وعدم الإستحقاق، بل يزيدنا بالشكر لله على الدوام على ما أنعم به علينا إذ فتح عيون قلوبنا وبرَّرنا ببره الإلهي لتُصبح حياتنا مكرسة في طريق النور والحق والحياة.

لذلك أخطر ما قد يقودنا إليه كبرياؤنا الروحي أمرين: الأول أن نستعرض إنجازاتِنا أمام الله وكأننا بما قدمناه أو قمنا به قد أهّلنا أن نقف بشموخ أمام الله، مما يجعلنا نسقط فورا من نعمة الله. ثانيا، أن لا نعود نرى الآخرين وقيمتهم الحقيقية بل ننظر إليهم نظرة دونية بشماتة واستهزاء، ونرى أفضليتنا أمام الله عليهم بدلا من أن نرى حاجتنا الدائمة إلى نعمة الله وبرّه الإلهي، فتصبح حياتُنا استعراضية نعرضُ من خلالها إنجازاتنا التي كثير منها قد لا ينبع عن قلبٍ محبٍ وصادقٍ، بل هدفها حب الظهور والتباهي والشموخ. وهذا حقاً قد يسقطنا من نعمة الله الذي ينظر لا إلى أعمالنا الظاهرة بقدر ما ينظر إلى القلب الصادر عنها كل هذه الأعمال. فالله لا يخدعنَّهُ كلامُنا ولا شكلنُا ولا أعمالنُا، لأنَّهُ ينظرُ بعينه الإلهية إلى قلوبنا التي تكشف حقيقة حياتنا وحقيقة ذواتنا.
هذا ما يجسده مَثَلُ الفريسي والعشار، فما أكثر الفريسيين اليوم، وما أندر أمثالَ العشار الذي حظي بتطويب المسيح فنزل إلى بيته مبرَّراً.