لقد نال السامري الأبرص نعمة الشفاء على يدي السيد المسيح من برصه الذي عزله عن المجتمع وحط من قدره وجعله منبوذا محتقرا من الناس فعاش حياة التشرد والتهيان بعيدا عن المجتمعات البشرية يصارع لقمة عيشه والبقاء على قيد الحياة.
هذه الحادثة حصلت في بلدة برقين شمالي فلسطين وهناك كنيسة مميزة تسمى كنيسة البرص العشر، وهم العشرة برص الذين نالوا من السيد المسيح نعمة الشفاء من برصهم والتخلص من عار مرضهم وعودتهم إلى الإندماج في مجتمعاتهم من جديد. ولكن الحادثة تركز على واحد منهم وهم الأهم، فهو الذي عاد بإمتنان قلبي ليشكر المسيح بكل ما أُوتي من قوة وعزم لمن ردَّ له كرامتَه واعتبارَه من جديد وأعاد له فرصة الحياة من جديد وسط أهله وجيرانه ومعارفه.
ويخبرنا لوقا البشير أنه كان سامرياً غريب الجنس وليس كباقي البرص التسعة الذين ما أن نالوا غايتهم حتى ذهب كل واحد إلى طريقه، وهذا هو حال عالمنا اليوم، وهذا هو حال أبنائنا المؤمنين اليوم، فما أن يفتح الله لهم بابا حتى يذهبون ولا يعودون ليغدوا ممتنين له على صنيعه معهم.
ولكن الطوبى قد كانت من نصيب ذلك السامري الأبرص غريب الجنس، الذي عاد مسبحا الله بصوت عظيم ووقع على وجهه أمام قدمي يسوع مقدما له الشكر القلبي. وحقيقيةً لقد أفرَحَ قلبَ المسيح لأنه وجدَ فيه إنساناً مؤمناً حقا اكتشف حقيقة شخص المسيح المانح بالأكثر الخلاص لنفوسنا. فماذا أجمل من كلمات السيد المسيح له ” قم واذهب، إيمانك قد خلصك”. فهذا الرجل نال أيضاً حقيقة شفاء نفسه وخلاصه. وهذا ما تحمله الكنيسة للعالم اليوم وما تنادي به وهو شفاء العالم من براثن الخطيئة والفساد والموت الأبدي، وحياة الجهاد الروحي التي تسعى في سبيل حفظ النفس من كل عيب ودنس والسعي في طريق بناء السلام والمحبة مهما كانت الطريق صعبة وقاسية ومضنية.
فقصة شفاء هذا السامري الأبرص تظهر لنا أن عودته وإنكساره أمام المسيح هو إعتراف بأنَّ حياته بالكامل سيكرسها في سبيل مَنْ منحه شفاءً روحياً أقوى وأهّم من شفاء الجسد رغم أهميته.
ويبدو أن عالم اليوم يفتقد لمثلِ هذا الإيمان. وضُعفُ هذا الإيمان هو سبب الفتور الروحي في حياتنا وخدمتنا لمجتمعاتنا وسبب علاقاتنا المتوّترة المبنية على المصالح فقط.