“وَجَدْتُ دَاوُدَ بْنَ يَسَّى رَجُلًا حَسَبَ قَلْبِي، الَّذِي سَيَصْنَعُ كُلَّ مَشِيئَتِي” (أع 13: 22).
ونحن على أعتاب الانتخابات النيابية التي ستجري في العاشر من الشهر القادم، فإن الكنيسة تشجع جميع المواطنين وتدعوهم لأداء دورهم في هذا الواجب الوطني بممارسة حقهم والمشاركة الفعلية في الانتخابات وإنجاح العرس الوطني الديمقراطي.
إن الكنيسة كما كانت ستبقى على مسافة واحدة من جميع المرشحين، فلا تنحاز لحزبٍ أو لقائمةٍ أو لمرشَّحٍ بحدِّ ذاته. وهي باستمرار مع مَن يخدم الوطن ويعمل من أجل خير أبنائه، فالجميع سواسية تحت مظلة القانون، بغض النظر عن الديانة أو الأصل أو الجنس. وترى المستقبل يتطلب توجيه الطاقات للعمل البنَّاء وتحقيق المساواة والعدالة بين الناس.
والكتاب المقدس والفكر المسيحي اللاهوتي يركزان على دعوة المواطن في المشاركة الخَيِّرَة في المجتمع في جميع المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية. ويؤكد المجمع الفاتيكاني الثاني في الفصل الرابع من الدستور العقائدي للكنيسة الذي جاء بعنوان “حياة الجماعة السياسية”، على المشاركة في الانتخابات: “وليذكُر المواطنون جميعهم ما لهم من حقٍ وما عليهم من واجبٍ في القيام باقتراع حر من أجل الخير العام، والكنيسة تمتدح وتستعظم عمل أولئك الذين نذروا أنفسهم لخير الدولة في خدمة البشر متحملين أعباء مسؤولياتهم”.
وترفض الكنيسة تسييس الدين واستخدامه من أجل المصالح المختلفة مِن قِبل أي كان، أو تفسيره وتطبيقه من أجل مكاسب دنيوية. وفي الوقت نفسه ألا يكون التحدث باسم الله غطاءً للسياسة وأهدافها، فالمنابر الدينية ودور العبادة وجدت للروحانية، والصلاة وتوجيه الناس للخير والمحبة والرحمة.
إن المواطن العربي الأردني المسيحي جزء لا يتجزأ من اردننا الغالي وجذوره ضاربة في أعماق تراب هذا الوطن، ويعمل من أجله بكل إخلاص ومحبة وولاء في جميع المجالات والقطاعات العامة والخاصة. ولا بد من الإشادة بالأشخاص الصادقين المخلصين من جميع أبناء الوطن الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجله ومن أجل نموه وتطوره.
ومع اقتراب موعد الانتخابات فإننا نؤكد على أهمية انخراط الشباب والشابات في العملية الانتخابية لانتخاب من يرونه مناسباً للخدمة وأداء الواجب. إن النائب الذي نتطلع اليه يجدر أن يتمتع بالتواضع وان يسير على حسب قلب الله. ولا شك ان الاستقامة والضمير الصالح والصدق والنزاهة من الشروط الواجب توفرها في النائب، وعليه أن يؤمن الحياة الكريمة للمواطن الفقير قبل الغني، مع العمل المستمر ليكون الوطن مكانًا للأمان والسلام والكرامة.
حفظ الله صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني المعظم، وأبقى تعالى الأردن واحة للأمن والسلام والاستقرار.
الأرشمندريت د. بسام شحاتيت
رئيس المحكمة الكنسية للروم الملكيّين الكاثوليك