عيد ارتفاع الصليب


“إننا نبشر بالمسيح مصلوبًا فخرًا للمؤمنين وعثرةً لليهود والوثنيين”
نفتخر كمسيحيين بالصليب لأننا نرى فيه قوة الله مع أن الصليب بحدّ ذاته كان أداة العقاب الأقسى الّذي يُنزَل بالمجرمين، وكان يُعتبر ملعونًا من عُلّق على خشبة الصليب؛ نفتخر بالصليب رغم تجلّي ضعف الله عليه لا قوّته: “إذا كانت ابن الله حقًّا فخلّص نفسك وخلّصنا”.
هذا منطق اليهود والوثنيين ومنطلق كل إنسان يريد من الله أن يدّمر الأعداء ويستأصل الأشرار من الأرض.
أمّا للمؤمنين فالصليب هو قوّة الله، لأن على الصليب تجلّت محبة الله اللامتناهية لنا نحن البشر الخاطئين. فبدل معاقبتنا على خطايانا، وعقاب الخطيئة الموت الأبدي، قدم يسوع ذاته على الصليب كفّارةً عن خطايانا فحرّرنا إلى الأبد من عبودية الخطيئة وسلطان الموت.
ونفتخر بصليب المسيح أيضًا لأن عليه تجلّت حكمة الله. فالمسيح المعلّق على الصليب القادر بكلمة واحدة منه أن ينزل عنه ويردع جميع أعدائه، لم يستعمل سلطانه ليخلّص نفسه، ولم يردّ على الشرّ بالشرّ، بل غلب بالخير، و بالحبّ والمغفرة، الشرّ المنزل به بمحاكمة غير عادلة وحكم جائر: “يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يدرون ماذا يفعلون”.
نعم من على صليبه غلب يسوع ابن الانسان، آدم الجديد، الموت بالموت، لأنه بعكس آدم الأول الّذي تمرّد على الله، ذهب بطاعته لمشيئة الله الآب وفي تميم مشروعه الخلاصيّ حتى الموت على الصليب: “يا أبتاه… لكن لا مشيئتي بل مشيئتك”. وبهذا لم يعد للخطيئة والموت والشرير أي سلطان على الإنسان، بل صار السلطان للمسيح لوحده، للمسيح الّذي أسلم الله ليديه كلّ شيء.
لهذا نرى في الصليب قوّة الله ونرسمه على جباهنا وفي ذهابنا وإيّابنا، وعلى أكلنا وشربنا، وقبل وبعد شغلنا، وعلى أولادنا، ونتسلّح به في حربنا ضد الشرير وتجاربه.
ولأجل كلّ هذا، نحن كمسيحيين، نبقى مستعدين دومًا أن نحمل الصليب وراء المسيح، صليب المحبّة والطاعة لمشيئة الله حتى النهاية، لأن بهذا الطريق نصل إلى القيامة، كما وصل يسوع المسيح.
يا رب! نسألك نحن الّذين آمنا بك واخترنا اتباع والسير على خطاك، أن نفرح بحمل صليبك في هذه الحياة حتى بذل حبًّا بك وبإخوتنا. آمين.