بعد أن احتفلنا بعيد رفع الصليب المقدس، الذي به خلصنا المسيح بآلامه، توجه الكنيسة أنظارنا اليوم إلى والدة الإله مريم التي شاركت ابنها في عذاباته لأجل خلاص البشر. بهذا تحققت نبوءة سمعان الشيخ الذي حمل بين ذراعيه الطفل يسوع وقال لمريم: “ها إنّ هذا جعل لسقوط كثير من الناس، وقيام كثير منهم في إسرائيل، وآيةً معرّضةً للرّفض؛ وأنت، سينفذ سيف في نفسك”.
وهو عيد تذكاري بدء فـي الإحتفال بـه من بدايـة القرن الثانـي عشر ثـم بدأ فـي الإنتشار بين مكرمـي العذراء فـي كل العالـم، وتمّت إضافتـه إلـى قائـمة الأعياد الـمريـمية بمعرفـة البابا بندكتس الثامن عام 1482، وأيضًا البابا بيوس السابع عام 1814، الذي أعلن إمتداد هذا العيـد لكل الكنيسة فـي العالـم أجـمع.
ويسمى هذا العيد أيضًا بعيد أحزان مريم السبعة. وفي هذا اليوم يتم التركيـز على التأمـل فـي آلام وأحزان مريم العذراء من خلال سر الخلاص وخاصة وقت نزاع يسوع وموتـه على الصليب. وفي طقس الكنيسة الكاثوليكية الغربيـة يتم قراءة نصوص من الكتاب المقدس تتناول آلام السيد الـمسيح ونبؤة سمعان الشيخ وبالتأمـل فـي أحزان مـريـم أمنـا. يـمكننـا أن نتأمـل فـيـما إقترفنـاه من خطايـا نحو الله ومـا سببـته من آلام للرب يسوع وأمـه القديسة مريـم فنندم عليهـا ونتوب.
وأحزان القديسة مريم كما جاءت في الكتاب الـمقدس تشمل: نبؤة سمعان الشيخ، ولادتهـا ليسوع في مغارة، الهروب لأرض مصر، قتل أطفال بيت لحم، فقدان يسوع لـمدة ثلاثة أيام فـي الهيكل، الطريق إلى جبل الجلجثـة الصلب وموت يسوع، إنزال يسوع من على الصليب، ثـم وضع يسوع فى القبـر.
وتأملنـا فـي كل تلك الآحزان يجعلنـا نفهـم أن العذراء مريـم قد اجتازت كل تلك الأحزان الأرضيـة بثقـة وإيـمان ورجـاء صادق فـي وعد الله بالحيـاة الأبـديـة، وهذا بالتالـي يدفع فينـا الثقـة فـي التشبـه بهـا فـي كل ما قد نتعرض لـه على الأرض من آلام وأحزان فلا يهتـز إيـماننـا، وأيضًا يبثّ فينـا الرجـاء والثقـة أنـه مهـما طلبنـا منهـا فهـي تعرف من هـم الأبنـاء بكل مـا يتعرضون لـه من أحزان وضيق على الأرض، فتصلّي وتتشفع من أجلنـا. آمين.
إعداد الأب وليم عبد المسيح سعيد الفرنسيسكاني