هذه مفارقة لمن نظر إلى الظاهر. فالصليب هو الموت ولكنه في معناه وحقيقته مطرح القيامة وما قلت الطريق إلى القيامة.
ذلك أنّ جسد المسيح المعلّق على الخشبة كان منطلق انبعاثه بمعنى أنّ قيامته في اليوم الثالث ما كانت سوى كشف لنصر له تم كاملاً على الخشبة.
وهذه هي المفارقة في المسيحية لمن أراد ان يفهمها ان المخلص أتانا بالحياة الجديدة في اللحظة التي علق فيها على الخشبة وتالياً نحن نحيا به بالموت أعني بإماتة أهوائنا والتوبة عنها. هذا هو السر أنك أنت، مؤمناً به، لا حياة لك الا إذا أمتّ شهواتك المؤذية وارتفعت بالبر والعشق الإلهي إلى وجهه الطيب. ما كان يلفت الوثنيين في زمن الاضطهاد انهم كانوا يرون عددنا يتزايد كلما قتلنا الوثنيون. في علم الحساب كان يجب ان ننقرض ولكن لماذا لم ننقرض وازددنا عدداً؟ السر هو ان الحب الذي أظهره الشهداء بشهادة الدم كان يجلب الوثنيين إلى الايمان. ذلك ان تساؤل الوثنيين كان هذا كيف نرى هؤلاء المسيحيين في فرح وابتسام وهم في طريقهم إلى الموت؟
هذا هو سر الصليب انك في آلامك من أجل المسيح كان يظهر الفرح عليك وكان المسيحيون يرتدون البياض عندما يموت واحد منهم. ما كانوا يعرفون الحداد. كل شيء عندهم كان فصحاً. ورمز ذلك انك اذا تقدمت لتقبّل الصليب في أعياده يعطيك الكاهن زهرة بدل القبلة.
ليس عندنا في المواسم التي يذكر فيها الصليب كثيراً أية إشارة إلى الحزن. ليس عندنا خدمة إلهية في طقوسنا فيها بكاء. أنت لا تفرق في المعنى بين صلوات الجمعة العظيمة وصلاة الفصح. نحن فصحيون في كل الأعياد.
عند تعميد الطفل يعلق في عنقه صليب للدلالة على انه مدعو إلى ان يسير مسيرة فصحية فيرافق المسيح من صلبه إلى قيامته انبعاثاً واحداً. لذلك كان للشهداء عندنا تعييد كبير فلا أثر لحزن أو بكاء عليهم. عندما يعلق حول عنقك في المعمودية صليب فللدلالة على أنك مدعو معاً إلى الموت وإلى الحياة أو بصورة أوضح مدعو إلى الحياة الجديدة بموتك.
فإذا أقمنا عيد رفع الصليب نفهم اننا مدعوون كلنا إلى قيامة المخلص. نعبر بالموت ونتجاوزه في لحظة واحده.
لذلك كان من الخطأ التصور ان المسيحية ديانة الألم. هي لا ترحب بالألم. تلاحظه. هو يلازم الحياة. تتجاوزه برجاء الحياة الجديدة التي نلناها بقيامة المخلص.