أقدام المبشرّين بالسلام وأياديهم الطاهرة بقلم القس سامر عازر

فإذا كانت أقدامُ المبشِّرِين بالسلام قد وُصفت بهذا الجَمال فبلا أدنى شك أن أيَادي هؤلاء قد اتسمت بالطهارة والنقاء.

فعالمنا اليوم ينقصه حقا من يحمل بشائر الخير والبركة والسلام التي نادى بها وعلمّها السيد المسيح القائم من بين الأموات لتسودَ بين بني البشر أجمعين، والتي نكتشف يوما بعد يوم أن عالمنا المتطور علمياً وتكنلوجيا ينحدر إلى أسفل سلم القيم الروحية والمبادئ الإنسانية، بدلا من أي يصعد بها للأعلى لتشكل جسر عبور إلى السماء، لأنه بدون نقاء القلب لا يمكن أن نُعاين الله ” طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله”، وبدون حياة القداسة لا يمكن أن نصل إلى الأمجاد السماوية!

فما هو مطلوب منا ليس فقط إيمانا مجرداً نحمله في قلوبنا، فالإيمان بتعاليم السماء والتسليم به يعني أن ينعكس بشكل ظاهر بادي للعيان على كامل حياتنا وفي طريقة عيشنا وتصرّفنا وبيئة عملنا وإنتمائنا لأوطاننا وإهتمامنا بسلامة عالمنا، فما يؤمن به القلب يحب أن ينطقَ به الفم ويبوحَ به اللسان وتعملَ بموجبه الأيدي وتسيرَ في سبيله الأرجل. ولكن لربما اعترى عالمنا “شبه إيمان” أو “ريحة منه” ولكنه هو ليس ذلك الإيمان الحقيقي الذي يتطلبه الله منا، والذي يُبرِّرُالإنسانَ ويُخلّصُه. لذلك، نعيش أحيانَا حياةً تتناقض مع ذاتها، إذ أننا نعلن حالةً ونعيش بخلافها، فنتكلمَ عن الحب والإخلاص والوفاء والأمانة والخدمة، ولكن عند المواقف تجدنُا أبعد ما يكون عن تلك الصفات التي جاهرنا بها، وكأنها ثوباً نلبسه وقتما نشاء ونخلعه وقتما شئنا، فنعيشَ في حالة إنفصام الشخصية والنفاق الذي ما بعده نفاق.

هذا يتطلب منّا الوقوف مع أنفسنا وقفة حق، فإن خدعنا الآخرين فإننا لا نقدر أن نخدع أنفسنا وبالأحرى لا نقدر أن نخدع الله سبحانه وتعالى، الفاحص ما في أعماقنا والعارف كل شيء عنّا، فنحن مدعوين لنعيش بموجب ما نؤمن به لا إرضاء لبشر ولا طمعاً في شيء سوى مرضاة الله، فلا نكرز بشيء ونعيش بخلافه. فعند المواقف الصعبة تظهر أصالةُ إيماننا ومعدنه، فالنار تختبر وتمتحن كلَّ شيء إنْ كانَ الأساس الذي نبي عليه ذهبا أم فضة أم حجارة كريمة أم خشبا أم عشبا أم قشا ( 1كو 12:3)، وكما يقول بولس الرسول ” فعمل كل واحد سيصير ظاهرا لأن اليوم سيبينه. لأنه بنار يُستعلن وستمتحن النار عمل كل واحد ما هو. إن بقي عمل أحد قد بناه عليه فسيأخذ أجرة”.

فلنكرّم تلك الأقدام المُبَاركة، ونقبِّل تلكَ الأيادي الطاهرة لأنها تبشر بالسلام والخيرات.