عُقدت القمة الروحية الإسلامية – المسيحية في لبنان، اليوم الأربعاء، على وقع توسّع رقعة العدوان والمجازر الإسرائيلية التي كان آخرها مجزرة النبطية، وأسفرت عن استشهاد ستة أشخاص، بينهم رئيس البلدية أحمد كحيل وعدد من أعضاء المجلس البلدي وموظفون مدنيون وأحد عناصر الدفاع المدني، إضافة إلى 43 جريحاً، بعد قصف الاحتلال مبنيي البلدية واتحاد بلديات النبطية أثناء تنسيق أعمال الإغاثة وتجهيز المساعدات.
ويكثف جيش الاحتلال منذ ساعات الصباح من استهدافاته للقرى في الجنوب والبقاع، وعاد اليوم لقصف الضاحية الجنوبية لبيروت بعدما أوقف عملياته ضدها منذ ليل الخميس الماضي، علماً أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كان قد تحدث، أمس الثلاثاء، عن نوعٍ من الضمانات الأميركية التي حصل عليها لتخفيف التصعيد في هذه المنطقة والعاصمة اللبنانية.
دعوة مجلس الأمن لاتخاذ قرار حاسم لوقف إطلاق النار في لبنان
وانعقدت القمة الروحية في بكركي بدعوة من البطريرك الماروني بشارة الراعي، وخلصت إلى “دعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد فوراً ودون تلكؤ لاتخاذ القرار الحاسم لوقف إطلاق النار وإيقاف المجزرة الإنسانية التي ترتكب بحق لبنان، لإعلاء قيم الحق والمساواة والعدالة والتسامح والانفتاح والعيش المشترك السلمي والبناء”. كما دعت اللبنانيين إلى تجنب “الجدل العقيم”، مشيرًة إلى أن “الزمن ليس زمن المطالب والمكاسب… الوقت هو وقت التفاهم والتعاون والتلاقي لأنّ الكيان اللبناني بات مُعرَّضاً للمخاطر والضياع، فأطماع العدو الإسرائيلي ليست لها حدود”.
القمة الروحية تدعو إلى “الوحدة والتكافل”
وفيما قالت إن الوقت هو “وقت التضحية لإنقاذ لبنان”، دعت إلى الوحدة والتكافل وتعزيز الثقة بين الجميع والتعاون لـ”بناء الدولة العادلة وتحصين مؤسساتها، ولكي تبقى وحدة الشعب اللبناني هي السلاح الأمضى في الدفاع عن لبنان وتأكيد حقه بالحرية والاستقلال والسيادة”.
كذلك، حثّت القمة “اللبنانيين على قيامهم بواجباتهم تجاه وطنهم وأولها إعادة تكوين المؤسسات الدستورية، ولا سيما قيام مجلس النواب وفوراً بالشروع لانتخاب رئيسٍ للجمهورية يحظى بثقة جميع اللبنانيين، وذلك تقيّداً بأحكام الدستور، وبأكبر قدرٍ ممكنٍ من التفاهم والتوافق بإرادة لبنانية جامعة وعملاً بروح الميثاق الوطني وتغليباً للمصلحة الوطنية وتجاوزاً للمصالح الخارجية”.
ودعت إلى “الشروع فوراً بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي كاملاً بما يتضمّن من دعمٍ للجيش اللبناني وتعزيز إمكاناته وقدراته للدفاع عن لبنان وتأكيد انتشاره الواسع في منطقة جنوب الليطاني ومختلف المناطق اللبنانية”، داعية أيضًا “الحكومة اللبنانية بوصفها المؤتمنة على السلطة التنفيذية للاضطلاع بمسؤولياتها كاملة والتعامل مع مجلس النواب وفق الدستور من أجل تعبئة الجهود للإسهام مع اللبنانيين في إنقاذ لبنان”.
وشددت القمة في بيانها “على وحدة اللبنانيين وضرورة احتضانهم بعضهم بعضاً، لا سيما في هذه المرحلة الصعبة التي يسود فيها القلق عند الجميع، والعمل فريقاً واحداً متضامناً، إلى ما تقتضيه المصلحة الواحدة ومصلحة لبنان، وذلك بشروط الدولة اللبنانية وتحت رعايتها مع تمسِك الدولة بالقرار الوطني والدفاع عن سيادتها الوطنية وكرامة شعبها وأن تكون صاحبة سلطة وحيدة على كامل التراب اللبناني”.
وأثنت القمة على مبادرات إغاثة النازحين جراء العدوان وسط تأكيد لضرورة توفير المكان المناسب لهم واستضافتهم حتى عودتهم إلى بلداتهم وقراهم ومساكنهم، و”العمل على تقديم الرعاية مع احترام الملكية الفردية ورفض أي نوع من أنواع التعديات على الأشخاص وأملاكهم”.
كما عبرت القمة التي شارك فيها ممثلون عن جميع الطوائف الإسلامية والمسيحية عن شكر الدول العربية و”الصديقة” على تقديم الدعم السياسي والعون المادي والطبي والغذائي، معربة عن أمنياتها بـ”مضاعفة جهود نصرة لبنان لوقف العدوان وتعزيز صمود اللبنانيين بعدما أصبح بلدهم منكوبًا، وتقديم كل المساعدات العاجلة واللازمة لصيانة كرامة الأهالي المنتزعين من بلداتهم وقراهم والحفاظ على كرامة اللبنانيين وإعادة بناء وإعمار ما تهدم”.
ووجهت القمة “الشكر لقوات الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) للجهود والتضحيات التي تقوم بها حفاظاً على حدود لبنان وسكان تلك المنطقة”، مثمّنةً تمسّكها بالبقاء في مواقعها رغم المضايقات والإنذارات الإسرائيلية غير المبررة والهادفة إلى “إلغاء كلّ شاهد على المجازر الوحشية التي ترتكبها بحق وطننا”، داعية المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب يونيفيل وحمايتها.
وفي الختام، أكدت القمة أنّ “القضية المركزية التي تتمحور حولها معظم القضايا في المنطقة العربية هي القضية الفلسطينية، التي لا تزال تنتظر الحل العادل والشامل ليكون للفلسطينيين وطنهم وتكون لهم دولتهم السيّدة المستقلة حسب ما جاء بالمبادرة العربية للسلام في قمة بيروت عام 2002، وذلك من خلال فرض حلٍ عادلٍ ودائمٍ ترعاه الأمم المتحدة وعواصم القرار والعرب”.