رحلة الموسيقى المقدّسة لإيصال معاني النصوص الدينيّة في إطارٍ لحنيّ

تأرجحت علاقة الديانات بالموسيقى عبر التاريخ ما بين القبول والرفض. بعضهم عارَضَها وحرّمها، وبعضهم أحلّها وقدّسها وجعَلَها ضمن طقوس عبادته. فبرَزَت في معابد عدّة واكتسبت خصوصيتها بحسب كلّ ديانة.

رأت بعض الديانات في الموسيقى فنًّا إلهيًّا أو سماويًّا، كما بيّن الأب أمير كمّو قائد جَوق كوخي البطريركيّ الكلدانيّ في حديثه عبر «آسي مينا». وشرح أنّها كانت تُعدّ قوّةً فعّالة تعطي الكلمات والطقوس تأثيرًا أعمق في النفس، يهذّبها ويحثّها على الفضيلة، تبعًا لنوع الموسيقى المُرافِقة للنصّ الدينيّ أو الصلوات.

وتابع: «لطالما كانت الموسيقى عنصرًا مهمًّا في التقاليد والاحتفالات الاجتماعيّة، سواء المقتصرة على العزف أم المصحوبة بالغناء. وأخَذت، بعد اعتمادها عنصرًا أساسيًّا في العبادات، أشكالًا وقوالب موسيقيّة متنوعة في المحافل الدينيّة داخل المعابد وخارجها».

جزءٌ لا يتجزّأ من الطقوس الاحتفاليّة

قال كمّو إنّ المَجْمَع الفاتيكانيّ الثاني أفرَد فصلًا خاصًّا بالموسيقى الكنسيّة، واهتمّ جدّيًّا بإيضاح دور إرث الكنيسة الجامعة الموسيقيّ وعدّه «كنزًا لا تقدّر قيمته بثمن… بخاصة أنّ الترتيل المقدّس الذي تلازمه الألفاظ، يشكّل جزءًا ضروريًّا أو جزءًا لا يتجزّأ من الطقوس الاحتفاليّة». 

وأشار إلى أنّ المَجْمَع يرى أنّ «العمل الطقسيّ يكتسب صيغة أنبل حينما يجري أداؤه بطريقةٍ احتفاليّةٍ مُرَتَّلة، بحضور الإكليروس ومع اشتراك الشعب اشتراكًا فعليًّا».

هل تُشتِّت الموسيقى انتباه العابدين؟

فيما تُعدّ الموسيقى في دياناتٍ عدّة مشتِّتةً لانتباه العابدين، يجد كمّو أنّ مرافقتها للكلمات والأفكار تبعث على إيغال المفاهيم في القلب وتعزيز الخبرة الدينيّة للمؤمنين. كما تشدّ انتباههم وتجذبهم إلى الصلاة، وتغذّي الاحتياجات الروحيّة للنفس والجسد، عبر إضفاء مزيدٍ من المتعة والجماليّة على  المفاهيم التوعويّة والإرشاديّة لكثير من المراسم الدينية. 

وأوضح أنّ تحديد غرض العبادة في مختلف الديانات بأنّه النموّ في العلاقة بالإله، يحيلنا إلى التفكير في الموسيقى كوسيلة لإنضاج العلاقة واكتساب معرفةٍ أعمق. فالموسيقى الدينيّة توصل المعنى الروحيّ للنص، كما تعبّر بشكل أعمق عن مشاعر العابدين. لذا يعتمد مصلّون من دياناتٍ عدّة على الألحان كخبرة تتفوّق على النصّ المقدّس الأساس في تعميق علاقتهم بالإله.