استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء المشاركين في الندوة الثانية عشرة لدائرة الحوار بين الأديان مع “مركز الحوار بين الأديان والثقافات” في طهران وللمناسبة وجه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال يسعدني أن ألتقي بكم خلال ندوتكم الثانية عشرة. كما تعلمون، هذا تعاون طويل يجب أن نفرح به جميعًا لأنه يصب في صالح ثقافة الحوار، موضوع أساسي وعزيز جدًا بالنسبة لي.
تابع البابا فرنسيس يقول إن مصير الكنيسة الكاثوليكية في إيران، “القطيع الصغير”، عزيز جدًا على قلبي. أنا على دراية بوضعها والتحديات التي تواجهها لكي تواصل مسيرتها وتشهد للمسيح وتقدم مساهمتها لخير المجتمع بأسره، بعيدًا عن التمييز الديني أو العرقي أو السياسي. أهنئكم على اختيار موضوع هذه الندوة: “تربية الشباب، وخاصة في العائلة: تحدٍ للمسيحيين والمسلمين”. موضوع جميل جدا! فالعائلة، مهد الحياة، هي المكان الأوّل للتربية. فيها يخطو المرء خطواته الأولى ويتعلم الإصغاء والتعرف على الآخرين واحترامهم ومساعدتهم والعيش معهم. يمكن العثور على عنصر مشترك في تقاليدنا الدينية المختلفة في المساهمة التربوية التي يقدمها المسنون للشباب؛ فالأجداد بحكمتهم يضمنون التربية الدينية لأحفادهم ويشكلون حلقة وصل حاسمة في العلاقة العائلية بين الأجيال. إن تكريم الأجداد هو أمر في غاية الأهمية. وهذا التديُّن الذي يُنقل بدون شكليات وبشهادة الحياة يعتبر ذا قيمة كبيرة لنمو الشباب. وأنا لا أنسى أن جدتي هي التي علمتني كيف أصلي.
أضاف الأب الأقدس يقول من الممكن أيضًا أن نجد تحديًا تربويًا مشتركًا، للمسيحيين والمسلمين، في الأوضاع الزوجية المعقدة الجديدة ذات التباين في الدين. في هذه السياقات العائلية يمكننا أن نجد مكانًا مميزًا للحوار بين الأديان. إن ضعف الإيمان والممارسة الدينية في بعض المجتمعات له تأثيرات مباشرة على العائلة. نحن نعلم مدى التحديات التي تواجهها في عالم يتغير بسرعة ولا يسير دائمًا في الاتجاه الصحيح. ولهذا السبب، تحتاج العائلة إلى دعم الجميع، بما في ذلك دعم الدولة، والمدرسة، والجماعة الدينية التي تنتمي إليها، والمؤسسات الأخرى، لتتمكن من أداء مهمتها التربوية على أفضل وجه.
تابع الحبر الأعظم يقول من بين المهام المختلفة للعائلة هي التثقيف و” السكنى” خارج حدود البيت. والحوار بين المؤمنين من مختلف الديانات يفعل ذلك بالضبط، فهو يسمح للمرء بالخروج من الأنماط المهيكلة لكي يكون منفتحًا على اللقاء في العائلة البشرية العالمية الكبرى. ولكن لكي يكون الحوار مثمرًا، يجب أن يستوفي عدة شروط: يجب أن يكون منفتحًا وصادقًا ومحترمًا وودودًا وملموسًا. هذا النمط يسمح لنا بأن نكون ذا مصداقية في أين جماعاتنا، وكذلك أمام المحاورين وجماعاتهم، دون أن ننسى أبدًا أننا سنقدم لله حسابًا عن كل ما نفكر فيه ونقوله ونفعله.
أخيرًا، أضاف الأب الأقدس يقول تتم تربية الأجيال الشابة من خلال التعاون الأخوي في مسيرة البحث عن الله. في هذا المسعى، لا يجب أن نتعب أبدًا من الكلام والعمل من أجل كرامة وحقوق كل شخص وكل جماعة وكل شعب. لأن حرية الضمير وحرية الدين هما حجر الزاوية في بناء حقوق الإنسان. والحرية الدينية لا تقتصر على أن يمارس المرء عبادته، بل هي تسمح له بأن يكون حرًّا بشكل كامل في اتخاذ القرار في مجال معتقده وممارسته الدينية.
وخلص البابا فرنسيس إلى القول أيها الإخوة والأخوات، إن عالمنا منقسم وممزق بسبب الكراهية والتوترات والحروب والتهديدات بالصراع النووي. وهذا الوضع يدفعنا، نحن المؤمنين بإله السلام، إلى الصلاة والعمل من أجل الحوار والمصالحة والسلام والأمن والتنمية المتكاملة للبشرية جمعاء. نحن نؤمن به كإله المحبة القدير. ليجعلنا الالتزام الذي يمكننا أن نظهره معًا من أجل السلام يجعلنا ذوي مصداقية في أعين العالم ولاسيما في أعين الأجيال الجديدة. أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، أشكركم على حضوركم! ليحفظنا العلي ويباركنا، ويبارك جماعاتنا والعالم أجمع، ويرافقكم في مسيرة الحوار التي تقومون بها.