يعيش أهل مدينة حلب السورية حصارًا مطبقًا منذ أمس الأول، تزامن مع قصف دير الأرض المقدسة للاتين في حي الفرقان. ولم يوقع الاستهداف أي ضحايا أو جرحى، بل أسفر عن أضرار جسيمة في المبنى.
أوضح بيان صادر عن الرهبنة الفرنسيسكانية أنّ قصفًا صاروخيًّا من طائرة حربية أصاب الدير، ما أدّى إلى دمار أحد أجنحته، وحريق التهم مستودعه. تُضاف إلى ذلك أضرار ليست بالقليلة أصابت مرافق أخرى كالمركز الرياضي والكابيلا.
وأشار البيان إلى أنّ الرهبان الفرنسيسكان في حلب يرفضون أيّ شكل من أشكال العنف، ويؤكدون أنّ رسالتهم إنسانية تمامًا لأنّهم أدوات للسلام والمصالحة أينما يرسلهم الله. كما يطالبون المجتمع الدولي بالتدخل، وبذل كلّ ما في وسعه لمنع التعرض للبنية التحتية في المدينة.
وقد استأنف أمس فرن الدير ومطبخه الخيري العمل، لتأمين أكثر من ألف وجبة ساخنة مجانية مع توصيلها إلى بيوت كبار السنّ. لكن بسبب ندرة مادة البنزين وقلة وسائل المواصلات، طلبت الكنيسة إرسال شخص ينوب عنهم لتسلّم الوجبات.
يُذكر أنّ دير الأرض المقدسة بني في أربعينيات القرن الماضي، وكان يضمّ في حينها مدرسة رفيعة المستوى، وضعت يدها عليها بعد عقدين الحكومة السورية مع مدارس مسيحية أخرى. وفي العام 2020 استُعيدت أرض المدرسة الواسعة. وحتى يوم الجمعة الماضي كان الدير برئاسة الأب الفرنسيسكاني سمهر إسحق يقدّم خدمات تنموية لأهل المدينة فضلًا عن خدماته الإغاثية المستمرة.
في سياق آخر، شهدت حلب حركة نزوح ضمن المدينة نفسها؛ فقد ترك مسيحيون كثيرون بيوتهم القريبة من منطقة السيطرة الكردية (حيث ما زالت تحكم قبضتها على رقعة صغيرة من المدينة) واتجهوا إلى منازل أقربائهم.
كذلك، أحدث تمركز القوات الكردية بجوار المقابر المسيحية مشكلة تتعلق بدفن الموتى المسيحيين، بسبب خوف الأكراد من وصول الفصائل الجهادية إلى مواقعهم. وقد تناقل الناس خبر وجود قناص يستهدف أي شخص يحاول الاقتراب من المقابر.
فضلًا عن قلة المواد الغذائية، تبرز مشكلة الانقطاع شبه الكامل لشبكة الاتصالات الخلوية، مع استمرار عمل خطوط الهواتف الأرضية وأجهزة التوجيه (الراوترات).