رسالة المدبر البطريركي بولس نزها بمناسبة السنة الجديدة

مع بداية السنة الجديدة الّذي يتزامن مع يوم السلام العالمي، وجّه المدبر البطريركي للروم الكاثوليك في الأردن الارشمندريت بولس نزها رسالة إلى أبنائه المومنين في ابرشية بترا وفيلادلفيا وسائر الأردن مستوحيا من خلالها تعاليم آباء الكنيسة وقال فيها :


أيها الأحباء في المسيح،

نحن نقف اليوم على أعتاب عامٍ جديد، ننظر إلى الوراء بعيون ممتنة ونُسلِّم المستقبل بثقة كاملة بين يدي الله.

إن هذا الوقت هو فرصة ثمينة للتأمل والشكر والتجدد. لذا دعونا نستلهم من أقوال آباء الكنيسة ومن كلمات الكتاب المقدس الحكيمة، لنسير بخطى ثابتة نحو العام الجديد.

الشكر على العام الماضي

يقول القديس يوحنا الذهبي الفم:
“من لا يشكر على القليل لا يستحق الكثير.”
إن حياتنا مليئة ببركات الله، حتى في أصعب الأوقات. يُذكّرنا الكتاب المقدس:
“اشكروا في كل شيء، لأن هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم” (1 تسالونيكي 5:18).
فلنرفع قلوبنا بالشكر على كل ما قدمه لنا الله في العام الماضي، سواء كان فرحًا أو تجربةً، لأن كل ما نعيشه يعمل لخيرنا (رو 8:28).

التوبة والتجديد الروحي

القديس أثناسيوس الكبير يقول:
“التوبة هي الجسر بين ضعفنا ونِعَم الله التي لا تنتهي.”
مع نهاية العام، ندعو أنفسنا للتوبة الصادقة، لأن التوبة تجدد قلوبنا وتجعلنا مستعدين للعام الجديد بنعمة الله. يقول الكتاب المقدس:
“فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم، لكي تأتي أوقات الفرج من وجه الرب” (أعمال 3:19).
لنجعل هذا الوقت بدايةً للتجديد الروحي، فنُسلّم خطايانا لله ونثق بغفرانه الذي يجددنا ويقربنا إليه.

استثمار الزمن بحكمة

يقول القديس أغسطينوس:
“الزمن هو عطية الله، فاغتنمه بحكمة لأنه لا يعود.”
يدعونا الكتاب المقدس أن نعيش بحكمة ويقظة:
“افدوا الوقت لأن الأيام شريرة” (أفسس 5:16).
فلنجعل حياتنا مليئة بالثمار الصالحة، ولنستغل كل لحظة لنحب، ونعطي، ونعمل من أجل الله والقريب.

الثقة في الله للمستقبل

يقول القديس كيرلس الإسكندري:
“لا تخف من الغد، لأن الله الذي معك اليوم هو الذي سيكون معك غدًا.”
الكتاب المقدس يُطمئننا:
“لا تهتموا للغد، لأن الغد يهتم بنفسه” (متى 6:34).
لنضع ثقتنا في الله الذي يدبر حياتنا بحكمة ومحبته لا تفارقنا أبدًا.

الدعوة إلى الخدمة والمحبة

القديس يوحنا كاسيان يقول:
“ما نزرعه في قلوب الآخرين سيبقى إلى الأبد.”
الكتاب المقدس يُذكّرنا بأهمية العطاء والمحبة:
“ولكن الآن يبقى الإيمان والرجاء والمحبة، هذه الثلاثة. ولكن أعظمهن المحبة” (1 كورنثوس 13:13).
فلنستقبل العام الجديد بعزم على أن نكون نورًا وسلامًا لكل من حولنا، متذكرين أن الحياة تُقاس بما نتركه في قلوب الآخرين.

خاتمة وتأمل

أيها الأحباء، ونحن نغلق صفحة هذا العام ونفتح صفحةً جديدة، لنكن كالشجرة المثمرة التي تُعطي في كل موسم، شاكرين على الماضي ومتفائلين بالمستقبل.

أختم بكلمات القديس يوحنا الذهبي الفم:
“إن كنا نعيش في شكر دائم، فإننا نعيش في السماء ونحن على الأرض.”
فلنبدأ هذا العام الجديد بقلب مليء بالشكر، وإيمان قوي، ومحبة صادقة.

“ليكن الرب معكم في كل حين، والنعمة تفيض عليكم في كل خطوة تخطونها.” (عدد 6:24-26).

كل عام وأنتم بخير وبركة وسلام! آمين.