الأخلاق مرآة القلب بقلم الدكتورة باسمة السمعان

إنّ الأخلاق هي مرآة القلب، وصاحب السوء في خُلقه يعاني من داءٍ عميقٍ لا يزول بالتوبة وحدها، لأنّ أصل الخلل متجذّر في النفس والنية والميل الطبيعي للأذى. فبينما يتوب السارق عن سرقته، والزاني عن زناه، يبقى سيء الخلق أسيرَ طباعه، يخرج من ذنبٍ ليدخل في أذى أعظم، لأن لسانه وفكره ونيّته ملوّثة. إنّ سوء الخلق لا يقف عند خطيئة واحدة، بل هو أبوابٌ مفتوحة لكلّ خطيئة: كالغضب، والغيبة، والكذب، والتحقير، وسوء الظن، والتجريح. فصاحب هذا الداء، إن لم يُعالج نفسه بترويضها، ومجاهدتها، وسُقياها بالمحبة والتواضع والصبر، لن تثمر توبته ثمارًا حقيقية. إنّ تغيير الخلق أصعب من الإقلاع عن المعصية الظاهرة، لأنه يتطلب قلبًا جديدًا وروحًا متجددة، وليس مجرد ندمٍ على فعلٍ عابر وكما قال الشاعر الخطيب
إنَّ لكلِّ مُسِيءٍ توبةً، إلا صاحبَ سوءِ الخُلُقِ؛ فإنَّه لا يتوبُ من ذنبٍ إلا وقعَ في شرٍّ منه