حين يسخر الزمن من نفسه.

من سخريات الأقدار أن نرى أو نسمع أو نقرأ أنّ الزمن يحاول حبس الزمن، ويضعه في قفص الأتهام وذرائع وحجج سخيفة ولا معقولة. وهل يوجد زمن يلوم ويتهم زمن آخر رغم الأسباب والتبريرات المحيطة بهذا الحدث أو ذاك؟


فمن سخرية الأقدار أن تطلب إسرائيل من الأردن أو مصر أو قطر الضغط على الفلسطينيين أن يكفّوا أو لا يتظاهروا لأجل القدس والأقصى (لأن القدس عاصمة اسرائيل)، فإسرائيل تريد من الفلسطينيين أن لا يدافعوا عن القدس والمقدسات لأنها أرض وممتلكات إسرائيلية. فهل قرأ العالم مثل هذا الزمن والسخرية وهي ذبح الفلسطينيين ويريدونهم السكوت والقبول بالذبح؟


ثمة سخرية أخرى وهي أن السعودية تريد من اليمن أن لا يدافعوا عن أنفسهم وهي مستمرة في الهجوم عليهم وقتلهم واحتلال أرضهم، فهل من سخرية أعمق من هذه؟


ثمة سخرية ثالثة وهي أن أمريكا تريد من إيران أن يكف عن الصناعة النووية وهي تقتل إيران بالعقوبات القاتلة.


ثمة سخرية رابعة وهي أن إسرائيل تقتل الفلسطينيين بالنابالم والفوسفور، وتدعو إلى تحريم الأسلحة البيولوجية والكيماوية والنووية.
أما السخرية الخامسة فتتمثل في محاولة استقلال اسكتلندا عن إنجلترة لتبقى إنجلترة جزيرة صغيرة بعد أن كانت امبراطورية تحتضن العالم، ومع ذلك تحاول إنجلترة أن تبقى دولة عظمى على غرار أمريكا وروسيا والصين.


أما السخرية السادسة فهي أن السعودية التي دفعت مئات المليارات على الإرهاب تحاول التقرب من سوريا وإيران بعد أن حاربتهما بلا هوادة. وهكذا يصبح الزمن ألعوبة بيد الزمن فيسخر منه بأحداثٍ هزيلة تدعو إلى السخرية والهزء.


فالأيام التي تجسد عهوداً وعقوداً تقدم نموذجاً ضاحكاً بما يجري وكأن العالم بلغ من الغباء حدوداً كبيرة. فالعالم المثقف اليوم إذ يلاحظ ويقرأ ويستمع إلى هذه المهازل يرى أنها ليست سوى نكات سياسة سخيفة وثقيلة. فأي زمن هذا التي ترتكب فيه الجرائم ويطلب السلام كما يحدث في القدس اليوم؟ إن عالم اليوم هو كمن يقتل القتيل ويمشي في جنازته أو يعزّي أهل القتيل وهو يعرف أنه قاتله وهو مجرم.

وكالسارق يعرف أن السرقة حرام ومع ذلك يطلب التوفيق والرحمة والتوبة وهو يسرق. وكالغانية ترتكب المعاصي في الليل وتحاضر عن العفة في النهار ( تصوروا أيها العالم).

Leave A Reply